زهرة العلا
●○آلجِنسْ : ●○مڛآهُمآتـﮯ : 1542 ●○ تَقْييمـِﮯ : 12
| موضوع: الأم تحاكم ولدها السبت 5 ديسمبر - 16:21 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] "جـذور" الأم تحاكم ولدها ولدي الحبيب: سلامٌ من الله عليك ورحمة منه وبركاته، وبعدُ، فالحمد لله، ثم الحمد لله أنْ أعطاني - سبحانه - عمرًا فعشتُ لأراك رجلاً، وأرى صغارَك الأحباء، وقد كان هذا غايةَ وتمام الرضا، فالحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا. وإنني لأجلسُ الساعات وأنا أبتهل إليه - سبحانه - ليتمَّ نِعَمَه عليك، وعلى إخوتك، وعلى أبناء المسلمين بالهداية والتوفيق، ثم تنساب ذاكرتي ووجداني وخيالي لصغارك الأعزاء - الذين لا أعرف نطق أسمائهم الأعجمية، فمعذرة لذلك - أذكُرُهم، فأذكُرُ إعراضَهم عني وتوسلي إليهم، وبرغم ما لهذه اللحظاتِ من ألمٍ، إلا أنني أسعد بذكراها؛ فقد تطفئ بعضَ شوقي إليهم. لا تقل: تفضلي بالجلوس عندنا؛ لتداعبيهم ويشاركوكِ دومًا، لا يا ولدي؛ فأنا أفضِّلُ أن أعيش وحيدةً كريمة مع ما أتجرعه من ألمٍ، على أن أعيش بينكم مسكينةً ذليلة. لا تقفز لذهنك اتهاماتٌ لزوجتك وحدَها؛ فأنت المتَّهم الأول؛ لأنك راعٍ ومسؤول عن رعيَّتِك، ولا أجحد قيامك بمسؤولياتك أو أتجاهله، كان الله في عونك، فأنت دائمًا مشغول، وتسعى سعيًا منقطع النظير؛ لأنه منقطع عن الله، فسعيك بالمادة، وللمادة فقط. أيْ بُنَيَّ، قد تثقلُك كلماتي هذه، لكنك الصغير في نظر أمِّك مهما كبِرتَ، وأدعو الله ألاَّ تصبح صغيرًا في نظر المؤمنين والصالحين، بما تفقد يوميًّا من مقومات الصلاح والإيمان، نعم إنك أصبحتَ صورةً مادية لجوف وعقل وقلب، لا يشغله إلا التفكيرُ بالمال والصفقات والمرابحات، وأذكر حواري لك عندما تتفضل بزيارتي، فأسألك: كيف حالك؟ فتجيبني: بخيرٍ الحمد لله، تجارتي هنا موقفة، وهناك بعض الصعوبات في معاملة كذا... إلخ. أريدُ منك أن تفكِّر معي، لماذا تتحدث دومًا بهذه الطريقة، وتجيب على أي سؤال عن حالك بالجواب عن مالك؟! ألا يعني هذا أن حالك ومالك متطابقان؟! وبذلك فقد انتزعتَ نفسَك من عالم الإنسانية والمشاعر النبيلة، والآفاق السامية والتطلعات النظيفة. والمؤسف حقًّا أنك تعتقد أن المال يَسَعُ العالمَ، وتستطيع أن تشتري قلوبَ الناس به، ولن أسرد لك الدلائل لأثبت لك مقولتي؛ فحالتي أبلغ، فأنت تشتري رضاي بقليلٍ من المال تدفعه للبيت وللخادمة. إيه! زمن حوَّل دفء العواطف الحميمة إلى مبالِغَ ماليةٍ تُدفع للخدم، ألا ما أغبى وأشقى من يتبع هذا الطريق! اعلم يا بني أنني أم، وعاطفتي لا تخضع للمساومة، سوف أرضى عنك دومًا، وأمنحك عطاء من الله ببركة رضاي الذي لا ينضب، فتعيش في ظله هانئًا، وأعيش أنا في حرارة الوحدة متألمة، أردد: أرضى عن ابني إذا ما عقني حدرًا **** عليه أن يغضب الرحمن من غضبي فأشدُّ ما أخشى عليك غضبُ الله - سبحانه وتعالى - وإنني لأتساءل: أين إيمانُك؟! أين اتِّباعك لمنهج نبيِّك الكريم؟! بل أين الرجولة والمروءة؟! فالإيمان - يا بني - يُنير دربَك، ويبصرك بالحقيقة، ويجعلك توازن الأمورَ المعقَّدة بدقة وإنصاف، ويمكنك أن توازن عندها بين حقوقي وحقوق زوجتك، هذه الموازنة التي تحتاج لجهدٍ، ووقت، وأعصاب، لا يعرفها إلا مَن يعايشها. أنا لا أتَّهم زوجتَك؛ فهي كغيرها من نساء اليوم، تتمرَّد على أي رأيٍ، وتجهد من قليل الجهد، وتتقزَّز من جيلنا ولهجتنا وأسلوب معيشتنا، فالذي أراه أصالةً محببة، تراه هي رجعيةً مقيتة، والذي أراه تدهورًا، تراه تطورًا، وتتداخل الإراداتُ والمفاهيم، وتتشابك الصلاحياتُ والإدارات، ولا غرو في ذلك؛ فالأمر طبيعي، أمَّا أنْ تجرَّك هذه المعضلاتُ إلى إحدى الكبائر، وهي عقوق الوالدين - كما ورد في الحديث الشريف - فهنا ذهب عقلُك، وثبت منطقُها المبتور. فهي تحول الطبيعي إلى اتِّهامات وتفسيرات مرَضيَّة، ثم تفقد قدرتها على الصبر، ولو كانت صادقةً لحدث ذلك بينها وبين والدتها، فقد تكون والدتها أكثرَ مني رجعية وجهلاً - بمصطلحاتها طبعًا - وبرغم ذلك تراه من أمِّها تقدُّمًا وعلمًا وفنًّا. لا أطلب المستحيل، لكني أتمنى أن تعامِلَ كلُّ مسلمة أمَّ زوجها كأمِّها بالضبط، وأن تنظر كلُّ أمٍّ لابنتها ولزوجة ابنها بعينٍ واحدة، ولا داعي لهذه المشكلات المفتعلة التي تمزِّق الأُسرَ، وتستنزف طاقاتِ الرجال. فالحياة قصيرة، وطوبى لمن يعمل صالحًا، ولو كان مثقالَ ذرة، فما بالك ببر الوالدين؟! وأذكر هنا الرجل الذي كان يطوف بالكعبة حاملاً أمَّه على ظهْره، وسأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أديتُها حقَّها؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا، ولا بزفرة واحدة))؛ أخرجه البزار في مسنده. لا أطلب منك أن تحمِلَني على ظهرك؛ بل أتمنى أن تحمل همومي في قلبك، وتعلم أنني عجوز، نعم، لكنَّ عندي مشاعرَ وأحاسيسَ، ونفسًا وروحًا كالشباب، وعقلَ الخبير، وذلك كله يطلب منك بعض الرعاية والعطاء، وهمي الأكبر يكمن في انشغالك بدنياك عن دينك، فإني أطلب منك أن تعود وتستدرك ما فات. عُدْ إلى دينك وإيمانك ونُبْلِ أصلِك، عندها ستعبر طريقك، وتثبت ثباتَ المؤمن بالعمل الصالح، والقول الثابت، عندها تمتلك القدرة على إصلاح زوجتك وبيتك، وتراني قد حملتُ متاعي وعدتُ لأعيش في ظل رعايتكم، وأنعم بدفء الأسرة، وحرارةِ الصلة، ونورِ الإيمان، وعزَّةِ المسلمة. فهل أنت فاعل؟ أدعو الله لك بذلك. والدتك المحبة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] "ثـمار" أخيرًا فهمت مضى الزمن، والأعمال تشتدُّ وتزداد على ذلك الابن، حملتْه أحلامُه إلى منافسة المشاهير؛ لعله يغدو أحدَهم يومًا، لم يستطع أن يفكِّر باتِّزان المسير، أو كما يقول العامة: (ساعة لك وساعة لربك)، لكنه جَمَعَ الساعاتِ كلَّها، ووضعها في سلة واحدة، وركض لاهثًا باحثًا عن كل جديد من المشروعات، ما أحس يومًا أن أولاده يكبرون، ويطرقون أبواب الحياة فاتِحي مغاليقِها دون إرشاد، ولم يشارك يومًا زوجَه في مشروع، أو يبادلها شيئًا من المشاعر، فضلاً عن أن يطوف بها في المشاعر المقدسة. لكنه كان يجمع رصيدَها من السيئات، ويدخره في خلايا ذاكرته، حتى إذا ما أبرقتْ له بادرةٌ في زواج جديدٍ سعيد، سارع في البحث عنه، وإضافة امرأة جديدة إلى أسرةٍ مشتَّتةِ الاهتماماتِ والطاقات. زواج جديد قضى على ما تبقَّى من علاقة مع أفراد الأسرة الأولى؛ إذ غدا كلٌّ منهم باحثًا عن لَيْلاه، حتى لو اضطره الأمرُ إلى دخول كهوفٍ ودهاليزَ. أما أمُّه، فقد ملَّ نصائحَها، وغدا يقدِّم لها الولاء عن بُعدٍ؛ ظنًّا أن ذلك هو غاية البرِّ، واستمرَّ كذلك حتى خفَّ ظلُّها، وتلاشى فلم يعد لها أثر على أرضه. قاوَمَ غزوَ الشيب، ووهنَ العظم، وفعْلَ الأيام، لكنه لم يستطع التمادي في مقاومته ومكابرته؛ فقد استوطنتْ بعضُ أمراض الشيخوخة - أو قل: أمراض كبار السن - مفاصلَه، فاستسلم لها، وغدا يسير ببطء، واضعًا نظارة سميكة، وحاملاً عكازًا محنية كظهْره، وهو يلتفت يمنة ويسرة، فلم يجد من أحدٍ حوله. اجتهد في بحثه عن أبنائه، وعن أبناء أبنائه، لكن هيهات! كيف يعثر على أهله، وقد فرَّقهم بعصا الترحال يومًا، والحرص أيامًا؟! إنه يجلس على شرفته الفارهة، يتجرَّعُ كؤوس الوحدة والألم، ويحتسي فنجان الذِّكريات في كل صباح، وإذا أراد تبديدَ غيوم المَلَل، قام إلى أوراقه الرسمية والثبوتية، وقلَّبها واحدةً واحدة، فيتجدد شعورُه بالنشوة والفرحة لما حقَّق؛ لكنه يعود كاسفَ البال، وهو يستمع لصوت واحد فقط يشاركه الحياة، ألا وهو صوت شخير قطته المدللة. وفي لحظة ألمٍ شديد العابر، ظن أن موته لا محالة آتٍ، قام إلى هاتفه، فهاتَفَ أحد أبنائه، لكن ابنه اعتذر؛ لأنه سيشارك في اجتماعٍ فريد وهام، ثم هاتف الآخر فوجده يستعد للسفر، واستمرَّ باحثًا عمَّن يخفف آلامَه، حتى وعَدَه أحدُهم بالزيارة بعد أيام. حمل عصاه وبحافتها قلَّب أوراقه؛ لعله يسلي نفسه، أحس أن وريقة صفراء ذابلة تناديه، فأمسكها وشدَّ عليها، وبيده المرتجفة فتَحَها. جالتْ عيناه عبر السطور، أدرك مذ رأى تلك الكلمات من هي صاحبتُها، ومتى كتبت، قرأها مرة، وأتبعها أخرى، ثم أغلقها ببطء، وأرسل زفرات، متحسرًا على القلب الصادق الحنون، الذي دفنه قبل أعوام، بعدما قتله بالهجر والنسيان. اتَّكأ على عكازه، وجالتِ الدموع في عينيه، وقال بصوت - سمعتْه قطته -: إنني أقطف ثمارًا علقمية لشجرة عقوقي التي غرستُها، ثم أردف وكأنه يخاطب أمَّه: عفوَك أيتها الحبيبة، فقد فهمتُ رسالتكِ الآن. التوقيـع : ولـدك |
|
om ali
●○آلجِنسْ : ●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286 ●○ تَقْييمـِﮯ : 0
| موضوع: رد: الأم تحاكم ولدها الإثنين 7 ديسمبر - 21:03 | |
| |
|