[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]في الوقت الذي أثبت فيه الأطبّاءُ أنّ الدماغ هو مكان العاطفة والأحاسيس ومشاعر الحُبّ، فإن الشعراءَ والأدباءَ ما زالوا يُصرّون على أنّ القلبَ إنّما هو منبعُ الحبّ ومهواه!! ..على أيّةِ حال، فإنّ نظرة عامّة تبين أن الاتفاق بين الفريقين فيما سوى ذلك أكبر وأبين :)
"الحُبّ.. بين الطبّ والأدب" موضوعٌ كبير ومتشعّب؛ ولا ريبَ أن تدوينةً واحدةً لا تكفي للاحاطة بالفكرةِ وجوانبها، غير أني اطمح ان ألقي ضوءاً على أكثر من زاوية من زوايا هذه الفكرة
]مرضٌ]يقول ابن حزم الأندلسي في كتاب طوق الحمامة: "واعلم -اعزّك الله- أنّ الحبّ داء عياء..."؛ وفي الحقيقة فإنه ليس بمستغربٍ القولُ إن الحبَّ مرضٌ أو داء، بالنظر لعلاماته -أو بالأحرى أعراضِه- التي يُشير إليها الأدباءُ والأطبّاء على السواء.
ففي دراسة حديثة أجراها علماء من جامعة امبريال كوليدج في لندن، حذّر الأطباء من أنّ الوقوع في الحبِّ يمكن أن يلحق أضراراً بالغة بصحة العاشقَين. فمن المعروف ان العصب الحائر (Vagus nerve) يتأثّر بالحالة النفسية وحالة التوتر والقلق التي يمرّ بها الإنسان حينما يعيش حباً فاشلاً يعذبّه ويؤرّقه؛ فينتج عن ذلك نوبات القولون العصبي، والتهابات ،وقرحة المعدة ،والاثنى عشر، كذلك تزداد نوبات الربو الشعبي عند هؤلاء الأشخاص بل تزداد لديهم أيضا هذه الأمراض الجلدية.
يقول ابن المعتّز:
الحبّ داء عضالٌ لا دواءَ له .. يحارُ فيه الأطباء النحارير
قد كنت أحسب أنّ العاشقين غلوا .. في وصفه فإذا بالقوم تقصيروفضلا عن آلام الحب عضويّاً، فإن له آثاراً على الصحة النفسيّة، وكما قال أبو فراس الحمداني:
وما كان للأحزان لولاكِ مسلكٌ .. إلى القلب ولكنّ الهوى للبلى جسر
لكنّه، وان كان سقماً، فإن الكثيرين يتمنّونه، ويستلذّون بلاءه، وفي هذا قيل:
تشكّى المحبّون الصبابة ليتني .. تحمّلت ما يلقون من بينهم وحدي
فكانت لقلبي لذّة الحبّ كلّها .. فلم يلقها قبلي محبّ ولا بعدي
["حبّك الشيء يُعمي ويصمّ"][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]في عبارة لاحد أبطال روايات شكسبير، والتي أصبحت تجري مجرى المثل السائر، تقول: "الحبّ أعمى".. جاء الطبّ الحديث ليثبتها علميّاً؛ ففي دراسة بريطانيّة حديثة حول الحبّ العنيف ومدى تأثيره على التركيز، أشارت إلى أن "الحبّ يجعل الإنسان المحب غالباً ما يتعرض إلى نقص شديد في القدرة على التفكير السليم وعدم التركيز تماما كمن ذهب عقله". وهذا بالضبط ما أشار له ابن القيّم رحمه الله في كتابه الأكثر من رائع (روضة المحبّين ونزهة المشتاقين) إذ قال في باب سكرة العشّاق أن السُّكر هو "لذّة يغيب معها العقل".
وبالعودة للدراسة البريطانية فقد أشارت إلى أن (تعاطي) الحبّ يحفز المناطق الدماغية ذاتها التي يُحفّزها تعاطي المخدرات!!
يقول الشافعي:
وعينُ الحبّ عن كلّ عيبٍ كليلة .. ولكنّ عين السخط تبدي المساوياويقول غيره:
قالت جُننت بمن تهوى فقلت لها .. العشق أعظم ممّا بالمجانين
العشقُ لا يستفيقُ الدهر صاحبه .. وإنّما يُصرع المجنون في الحين[الحبّ و"الزواج"]في دراسة أمريكيّة حديثة تبيّن أن معظم الذين تزوجوا بعد قصة حبّ كبيرة لم ينجح زواجهم. وقد فُسرت هذه الظاهرة بعدة أسباب منها من اعتبر أن العلاقة بُنيت على حب يفتقد العناصر الأساسية من المعرفة الواقعية لكل طرف بالآخر والتي تضمن استمرارية المشاعر.
على أنّ المختصّين النفسيّين متّفقون أنّ الحبَّ احتياجٌ قائمٌ بحدِّ ذاته، وهُنا أُثبت كلاماً سمعته من د.طارق الحبيب -في برنامج النّفس والحياة- يقول فيه أن الحبَّ الرومانسي (وبظنّي أنه الحبّ المبني على الجمال الخَلقي، أوالذي لا يعدو في حقيقته ميلاً فطريّاً للجنس الآخر) يموت بالزواج، في حين أن الحبّ الحقيقيّ يثبت ويزداد عمقاً بالزواج.
ما الحبّ إلا نظرة .. وغمز كفّ وعضد
أو كُتُب فيها رقىً .. أجلُّ من نفث العقد
ما الحبّ إلا هكذا .. إن نُكح الحبّ فسد
من كان هذا حبّه .. فإنما يبغي الولد[مُتلازمة القلب المفطور (المكسور) - Broken Heart Syndrome]فضلاً عن سقم الحبّ وآلامه، فإنّ كتب الأدب عامرة بقصص العشق التى أوردت أصحابها موارد الهلاك، فقيل: "ومن الحبّ ما قتل"..
-هل حقّاً من الحب ما قتل؟
كنتُ حتّى عهد قريب أظن أن هذه النّوعية من القصص إنّما هي من وحي الرواة، أوممّا يقتضيه الفنّ الأدبيّ من مُبالغة تصل حدّ الكذب، بل والإختلاق.. لكنّ دراسة حديثة لجامعة جون هوبكنز الأمريكية أكّدت أنّ ما يُسمّى أدبيّا بـ القلب المفطور أو broken heart من المحتمل أن يؤدي الى الوفاة (عند سماع أخبار سيئة عن الشخص المحبوب مثلاً) وهذا أيضأ ما توصّلت له دراسة بريطانية أخرى
يقول ابن الفارض (سلطانُ العاشقين، وإمام المحبّين):
هو الحبُّ فاسلم بالحشى ما الهوى سهل .. فما اختاره مُضنى به وله عقلُ
وعش خالياً، فالحبُّ أوّله عنىً .. وأوسطه سقمٌ، وآخره قتل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لكم خالصُ الحُبّ والودّ
رآقني فنقلته