كانت تجلس وحدها، تحمل في قلبها ألماً وغلاً يمكن أن تراه في عينيها الحزينتين والدامعتين، ويدها تتشبث في صورةٍ تحتضنها بشوق كبير، رسمت ملامح شاب في مقتبل العمر، حمَل هم وطنه على أكفه، وكأنها تقول للعالم "أنا لا أريد سوى حضن ابني".
هي والدة الأسير فتحي أبو جريدة (20 عاماً) من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، المعتقل في سجن نفحة الصحراوي، الذي تتوق لرؤيته أكثر من رغبتها في احتضان صورته التي مازالت تتمسك فيها وتنظر إليها بلهفة.
هي ليست وحدها، فآلاف مثلها وأكثر، ينتظرن الأيام لحظةٍ بلحظة ليحتفلن فيه بيومهن بجانب أبنائهن القابعين في سجون الاحتلال، ليصبح بالنسبة لهن العيد هو الإفراج الكامل عن كافة الأسرى.
تقول أبو جريدة لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية:"أي عيد أم الذي يتحدثون عنه وأبنائنا الذين من المفترض أين يحتفلوا بنا معتقلون وغائبون عنا، ولا نستطيع أن نراهم أو نسمع صوتهم؟".
وتعبر أبو جريدة عن رغبة كبيرة لديها في الاحتفال بنجلها وهو ماثل أمامها تستطيع أن ترى ملامحه وهو يبتسم لها في كل الأعياد، فالأيام الجميلة كلها لا تحلو بدون وجودهم.
أما والدة الأسير أحمد حسين أبو غالي (30 عاماً) من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فأرسلت لنجلها أحمد كلمات من شوق وحنين له، تطلب فيه أن يكون صامداً في سجنه قوياً لا يهاب السجان أو يضعف من بطشه.
وتمضي قائلةً:" هديتي في عيد الأم أن تكتحل عيني برؤية ابني حبيبي أحمد، بأتمنى أحضنه في هذا اليوم وأقوله كل عام وهو حبيبي وجنبي وفي حضني، وبأتمنى يقدم لي وردة أشم فيها ريحته الطيبة".
فيما بعثت والدة الأسير رائد جمال حمدي الحداد في حي الزيتون بغزة برسالة إلى والدة الأسير جلعاد شاليط بأن تشعر بما يشعرن به أمهات الأسرى اللاتي يقبع أبنائهن منذ عشرات السنوات في سجون الاحتلال وأن تطلب بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين كما تدعو للإفراج عن نجلها.
وأضافت الحداد، أن أكثر ما أحزنها في هذا اليوم هو معاناة الفلسطينيين جراء حالة الانقسام التي أدت إلى تراجع قضية الأسرى، مؤكدةً أن معاناة نجلها تضيع أمام أعينها بسبب حالة الانقسام، وتردي الأوضاع الفلسطينية.
يُذكر، أن نجلها الأسير رائد الحداد من مواليد 1 / 8 / 1980م وقد اعتقل على يد قوات الاحتلال في معبر رفح عند عودته من بيروت بتاريخ 5 / 12 / 2002م ، ومحكوم 14 سنة 5 سنوات مع وقف التنفيذ وهو معتقل في سجن نفحة الصحراوي.
ويشهد يوم عيد الأم، على العشرات من الأمهات اللاتي تعالت أصواتهن طويلاً ووقفن واعتصمن لقضية أبنائهن في سجون الاحتلال، ولكنهن أصبحن في عداد الأموات قبل أن يرين أبنائهن.