لقد أصبحت داشراً يا أبي
لا تتفاجأ يا أبي , نعم لقد أصبحت داشراً , أصبحت أدخن وليتني وقفت على الدخان , لا تلمني , أنت من قال لي أطع أخك الأكبر , كنت تمجده وتقدسه بالرغم أنه لايساوي شسع نعلك , هو أول من مد السيجارة إلي وأجبرني على شربها , وبعد بضع سنوات أصبحت ملاذي الوحيد ,
لاتلمني , فلقد تركتني مع أصدقاء الشارع , نعم كنت مشغولاً عني ولا تتحجج بلقمة العيش , لأنك كنت تروي للغير أمجاد القبيلة , سحقاً لتلك القبيلة , وأصدقاء الشارع قصف الله أعمارهم , علموني ثقافة الشارع بكل تفاصيلها القذرة , وأصبحت أسيئ الظن بكل شيء .
لا تبتعد عني , أريد أن أشرح لك , كنّا نسمع منك نفس الوصايا المعتادة , والتي طالما بدأت باللائات , والتي كسرناها واحدةً تلك الأخرى , وكم من مرةٍ هددتنا وكم من مرة ضربتنا حتى أوجعتنا أو الوجع رحمنا رأفةً بنا ,
لم أيأس منك حتى عندما رأيت ابن جارنا وهو يركب سيكله الفاخر وأنا الذي كنت الأول على المنطقة ولم أخذ شيئاً ,كانت أحلامي حينذاك ضئيلة وأنا أعرف كل المعرفة أنك لا تملك كنوز قارون , ولكن لما لم تواسني أو تقل كلمةً تسعدني , نعم , نعم يا أبي من أجل هذا لم أعد أطيق الدراسة .
آوه نسيت أن أخبرك أنني أصبحت أفرق بين أنواع الشراب بمهارة ولا فخر , أعلم كل العلم أنّ أبائنا لم يذوقوها , وأنكم لم تعهدوها ولكن هلاّ أخبرتني لما لم تحذرني منهم , ألم تكن أنت من ألقاني في هذه البركة ؟!
ولم حينما أتيتك جاداً أطلب خطبةَ تلك الفتاة وسخرت مني واستهزأت , فها أنا اليوم أخذ بثاري من كل بغيّ عرفتها , ومن كل النساء على حدٍ سواء , أتعلم أنها تزوجت مدمناً للحشيش , والفرق بيني وبينه أنّ جده كجدها من شيوخَ القبيلة , سحقاً لها وللقبيلة .
أتعلم يا أبي , أني أردت الآنتحار عدة مرات , ولم يمنعني عنه , سوى الله ,
أتعرف يا أبي , لم أغضب حينَ سُجِنت بسبب تلك المشاجرة , ولكن ما فَجَّر غضبي , حينما أمرتني بأن أٌقٌبل رأس ذلك العِلج , الذي سبَّ أمي , وسأخبرك عمَّا فعلته به , لقد أخذت بثأري منه على طريقة الشارع الذي تربيت فيه .
ألم يخطر في بالك ولو ليوم ما تسأل عني وأنا لي عدة سنوات في الغربه , وكلما هاتفتك تقول لي : تبي فلوس !؟
تباً للمال , أتعرف , أن والد صديقي يُكلِمني أكثر منك , حتى ظنوا أني يتيم الأب .
لاتحزن يا أبي فلو قتلتني ألف مرة , سأبتسم لك ولو ضربتني ألف مرةٍ أخرى فلن أبكي إلا ألماَ وسأدعو ربي أن يغفر لك , ولئن طالَ بك العُمر , سأكون إبنك البار وللأبد , فهل ستستيقظ الأن وتقوم من قبرك !؟