خطبة عن ذكرى المولد النبوي
الحمدُ للهِ ثمَّ الحمدُ للهِ
الحمدُ للهِ وسلامٌ على عِبادِهِ الذينَ اصطَفَى الحمدُ للهِ الواحِدِ
الاحَدِ الفردِ الصَّمَدِ الذي لم يلدْ ولم يُولّدْ ولم يكُن لَهُ كُفُواً
أحد.
أحمَدُهُ تعالى وأستَهْديهِ وأسترشِدُهُ وأتوبُ اليهِ وأسْتِغفِرُهُ
وأعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفُسِنَا وسيِّئاتِ أعمالِنَا من يهْدِهِ اللهُ
فهوَ المُهتد ومن يُضْلِلْ فلنْ تجدَ لَهُ ولياً مُرشِداً
والصّلاةُ والسّلامُ على سيّدِ الانبياءِ وخاتَمِ المرسلينَ من بَعَثَهُ
ربُّهُ رحمةً للعالمينَ الصّلاةُ والسّلامُ عليكَ يا سيدي يا رسولَ اللهِ
يا من بشر بك الملأ الأعلى قبل ولادتك الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا
رسول الله يا من نَطَقَ الانبياءُ بالبشائِرِ بِبِعثتِكَ ومولِدِكَ،
الصّلاةُ والسّلامُ عليكَ يا سيّدي يا رسولَ اللهِ يا من بَشَّرَ
بمولِدِكَ وبِعْثَتِكَ الكُتُبُ السَّماويَّةُ كلُّها وأشهدُ الا الهَ الا
اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ أرسَلَ رسولَهُ بالهُدى ودينِ الحقِ
ليُظهِرَهُ على الدّينِ كُلِّهِ ولو كره الكافرون وأشهدُ أنَّ سيدَنَا
مُحمداً عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وخليلُهُ بَعَثَهُ اللهُ رحمةً مُهداةً
للعالمينَ أقامَ صُرُوحَ العدلِ وحاربَ الظُّلمَ دَعَا الى عبادَةِ اللهِ
الملكِ الديانِ وحارَبَ الشِّركَ وحطَّمَ الأوثانَ نَشَرَ الاخلاقَ
الحميدَةَ وحارَبَ الرّذيلَةَ دَعَا الى مكارِمِ الاخلاقِ ونبذَ التباغُضِ
والتَّحاسُدِ والتَّدابُرِ والتَّنَافُرِ بينَ المؤمنينَ، تَحولَتِ
الجزيرةُ العربيَّةُ بمولِدِهِ وازدانَتْ بِبِعثَتِهِ فصارتْ مركزَ إشعاعِ
نورٍ وهدْيٍ وبركةٍ وأسرارٍ عمَّ على العالمينَ.
صلواتُ ربّي وسلامُهُ عليكَ يا سيّدي يا أبا القاسِمِ صَلَوَاتُ ربي وَسَلامُهُ عليكَ يا سيّدي يا رسولَ اللهِ.
يا خـير من دُفِنَتْ بالقاعِ أعظُمُهُ, فطـاب من
طيبِهِنَّ القاعُ والأكَمُ , نـفسي الفداء لقبٍر أنت سـاكِنُهُ, فيه
الـعفافُ وفيه الجودُ والـكرمُ, أنت الشفيعُ الذي تُرجى شفاعَتُهُ, عِندَ
الـصراطِ إذا ما زلَّت القـدمُ , وصـاحِباك لا أنسـاهـُما أبدا, مني
السـلامُ عليكُم ما جرى القلمُ
أيُها الأحبَّةُ
المُسلمونَ نعيشُ في نَسَمَاتِ خيرٍ، نعيشُ في لطائِفَ مُحمديةٍ نعيشُ في
ذكرى ولادَةِ أحبِّ الخلقِ الى اللهِ تَعَالى، نعيشُ في ذكرى ولادَةِ
سيِّدِ الخلائِقِ العَربِ والعَجَمِ، نعيشُ في ذكرى ولادَةِ مُحمدٍ رسولِ
اللهِ عليهِ صَلَوَاتُ اللهِ.
ما أُحَيْلاها من ذكرى عظيمةٍ ما أعْظَمَهَا من مُناسَبَةٍ كريمةٍ عمَّ
بِها النُّورُ أرجاءَ المعمورةِ ما أعظَمَهَا من حَدَثٍ حَوَّلَ تاريخَ
الجزيرةِ العربيةِ من قبائل متناحرة مشتتة يفتك بعضها ببعض يتباهَوْنَ
بالرذائِلِ والمحرَّماتِ يرفَعُونَ لواءَ الشركِ وعبادَةِ الاوثانِ حتى
صارتْ مهدَ العلمِ النُّورِ والإيمانِ ودولةَ الاخلاقِ والعدلِ والأمانِ
بهديِ النبيِ محمدٍ عليهِ الصّلاةُ والسلامُ.
يقولُ اللهُ تعالى في القرءانِ الكريمِ: {لقد جاءَكُم رسولٌ من أنفُسِكُمْ
عزيزٌ عليهِ ما عَنِتُّم حريصٌ عليكُمْ بالمؤمنينَ رؤوفٌ رحيمٌ}
هذا النبيُّ العظيمُ الذي سَعِدْنَا بمولِدِهِ وازدَدْنَا فَرَحَاً وأمناً
وأماناً بأن كُنَّا في أُمَّتِهِ، هذا النبيُّ العظيمُ طوبى لمن التَزَمَ
نَهْجَهُ وسارَ على هديِهِ والتَزَمَ أوامِرَهُ وَنَهْيَهُ سواءَ كانَ
عبداً او سواءكان حُراً سواءَ كان انثى أم كان ذكراً سواء كان فرداً من
أفرادِ المجتَمَعِ أم سُلطاناً أم حاكِماً أم رئيساً.
هذا النبيُّ العظيمُ الذي جَعَلَهُ ربُّهُ هادياً ومُبشراً ونذيراً
وداعِياً الى اللهِ بإذنِهِ سِراجاً وهّاجاً وَقَمَراً مُنيراً كانَ
أُمِّياً لا يقرَأُ المكتوبَ ولا يكتُبُ شيئاً ومع ذلك كانَ ذا فَصَاحَةٍ
بالِغَةٍ ومع ذلِكَ كانَ بالمؤمنينَ رؤوفاً رحيماً كانَ ذا نُصْحٍ تامٍ
ورأفَةٍ ورَحمةٍ ذا شَفَقَةٍ وإحسانٍ يُواسي الفُقراءَ وَيَسْعى في قضاءِ
حاجةِ الأرامِلِ والأيتامِ والمساكينِ والضُّعفاءِ كان أشدَّ النَّاسِ
تَوَاضُعاً يحبُّ المساكينَ وَيَشْهَدُ جنائِزَهُم فما أعظَمَهُ من نبيٍ
وما أحلاها من صِفاتٍ عَسَانا ان نَتَجَمَّلَ بصفات كريمة لنكونَ على
هديِهِ صلى الله عليهِ وسلَّمَ كما قالَ ربُّهُ يمتدِحُهُ :{بالمؤمنينَ
رؤوفٌ رحيمٌ} ، وفي ذكرى مولِدِهِ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ لا بُدَّ لنا
نحنُ اهل الحق لا بد لنا نحن المسلمونَ المؤمنونَ بالكتابِ والسُّنةِ من
أن نُبيَّنَ للخاصّةِ والعامَّةِ من الناسِ مشروعيَّةَ الاحتفالِ
بالمولِدِ النبويِّ الشريفِ.
على رغم أنف اولئك الجاحدين الجامدين المتعنتين قاصري الفهم العابثين
بالدين المتحكمين بالمسلمين الذين ينكرون على المسلمين الاحتفال بالمولد
النبوي الشريف الذين يحرمون على المسلمين قراءة المولد النبوي الشريف
الذين يمنعون المسلمين من الصلاة على النبي صلى الله عليه جهرة بعد الأذان
كل هذا تحكم بالرأي لا مستند له شرعي ولا دليل له لا من كتاب ولا سنة
وقدقالَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ :{منْ سنَّ في الاسلامِ سنَّةً حسنةً
فَلَهُ أجرُهَا وأجرُ من عَمِلَ بها من بَعْدِهِ من غيرِ أن ينقُصَ من
أُجُورِهِم شيئ} وقد تَبَيَّنَ لنا أن إقامَةَ المولِدِ النَّبويِّ
الشريفِ سنةٌ حسنةٌ يُثابُ فاعِلُهَا وأنَّ الحُفّاظَ والمحدثينَ
والفقهاءَ والمفسّرينَ أَقَرُّوا عَمَلَ مَلِكِ إرْبِل الملك المظفر الذي
كان أول من احتفل بالمولد النبوي الشريف وجمع له العلماء والعامة من
المسلمين وقدّم لهم اطايب الطعام ومفاخر الشراب،
كيف لا نحتفل بمولد هذا الرسول العظيم والله تعالى يقول في القرءان
الكريم: {وابتغوا اليه الوسيلة} نتوسل الى الله بصلاتنا نتوسل الى الله
باحبابه وأنبيائه نتوسل الى الله بحبيبه محمد عليه الصلاة والسلام.
وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه ما رأيت شيئاً أحسن من النبي صلى الله
عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه وما رأيت احداً أحداً أسرع في مشيه منه
كأن الأرض تطوى له إنا لنجهد وانه غير مكترث.
وأما زوجه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقد قالت في وصف رسول الله صلى
الله عليه وسلم : لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا سخاباً في الأسواق ولا
يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح.
هذا النبي العظيم الذي بعثه ربه رحمة للعالمين ليعلم الناس الخير ليأمرهم
بالبر بين لهم شرائع الإسلام والإسلام ليس فيه ما ينفر وليس بحاجة لأن
نكذب له ولا عليه.
قالت عائشة رضي الله عنها ما خُيّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين
أمرين الا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه
وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه الا أن تنتهك حرمة الله
تعالى.
هذا هو النبي العظيم فما احيلاه من نبي كريم وما أعظمها من أخلاق إسلامية
محمدية وما أحوجنا للإطلاع على شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم لنهذب
أنفسنا لنطهر جوارحنا لنتواضع فيما بيننا ونتطاوع فقد روى عبد الله أن
النبي صلى الله عليه وسلم اضطجع على حصير فأثر الحصير بجلده قال عبد الله
فجعلت امسحه عنه وأقول : بأبي أنت وأمي يا رسول الله لو أذنت لنا فقال
عليه الصلاة والسلام بعدما قال له لو أذنت لنا فنبسط لك شيئاً يقيك منه
تنام عليه فقال عليه الصلاة والسلام مالي وللدنيا إنما أنا والدنيا كراكب
استظل تحت شجرة مثمرة ثم راح وتركها.
الى اولئك الذين على كراسي المسئولية، الى اولئك الذين تسلموا زمام امور
المسلمين هاكم اوصاف النبي عليه الصلاة والسلام .هاكم شمائل واخلاق النبي
صلى الله عليه وسلم فهلا تأثرتم بسيرة خير الانام هلا كنتم مع الضعفاء
والارامل والمساكين هلا كنتم للايتام والفقراء والمشردين هلا شهدتم جنائز
الفقراء صلى الله على محمد وسلم تسليماً كثيراً اقول قولي هذا واستغفر
الله العظيم لي ولكم
الحمد لله ذي النعم الجمة، والصلاة والسلام على قائد الامة، من رفع الله
به عن قلوبنا الغمة، وعلى آله واصحابه اولي الهمة، أمّا بعدُ عِبَادَ
اللهِ أوصيكُمْ ونفسِيَ بتقوى اللهِ العليِ العظيمِ. يَقُولُ اللهُ تعالى
في كتابِهِ العَزيزِ: {يا أيُّها الناسُ اتّقوا رَبَّكُم إنَّ زَلْزَلَةَ
السَّاعةِ شيئٌ عظيمٌ يَومَ تَرَوْنَهَا تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمَّا
أَرْضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
وماهُم بِسُكَارى ولكنَّ عَذَابَ اللهِ شَديد}.
واعلموا عبادَ الله بأن الله امركم بأمر عظيم امركم بالصلاة والسلام على
نبيه الكريم فقال :{ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا
صلّوا عليه وسلّموا تسليماً} اللهم صل على محمد وعلى ءال محمد كما صليت
على ابراهيم وعلى ءال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على
ابراهيم وعلى ءال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم انا دعوناك فاستجب لنا
دعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا ، اللهم لا تدع لنا
ذنباً الا غفرته ولا دينأ الا قضيته ولا مريضاً الا عافيته يا ارحم
الراحمين، اللهم علمنا ما جهلنا وذكرنا ما نسينا وانفعنا بما علمتنا يا
ربّ العالمين ، اللهم اجعل القرءان ربيع قلوبنا ونوراً لأبصارنا وجوارحنا
وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار ، اللهم من اراد بنا خيراً فوفقه
لكل خير ومن اراد بنا غير ذلك فخذه اخذ عزيز مقتدر يا الله،اللهم اغفر
للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انك سميع قريب مجيب الدعوات ،
اللهم اغفر لسماحة الشيخ نزار حلبي رحمه الله ، اللهم اسكنه فسيح جناتك
واجعله في اعلى عليين ،اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما اهمنا
وقنا شر ما نتخوّف ، عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي
القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون اذكروا الله
العظيم يذكركم واشكروه يزدكم واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من امركم
مخرجاً