كان يا مكان ، في قديم الزمان ، في سالف العصر والأوان :
كانت هناك أكمة صغيرة كثيفة الشجر ، وفيها أسد ، وثلاثة ثيران ، ثور أبيض ، وثور أحمر ، وثور أسود وكانت هذه الأكمة تعيش في أمن واطمئنان .
ومرت الأيام والسنين ، حتى كبر الأسد وأضحى عاجزاً عن الصيد ، فراح يفكر في طريقة أخرى للحصول على طعامه ، وفعلاً لمعت بباله فكرة ذهبية ..
اجتمع الأسد بالثورين الأحمر والأسود ، وقال لهما : إن الطعام في الأكمة قد قل كما ترون ، والثور الأبيض ثور شاب ، يأكل الكثير من الطعام ، ويتعدى على حقوق غيره ، فلا يؤثر إخوانه على نفسه ، فلو أننا تخلصنا من هذا الثور الأبيض ، لاتسعت الأكمة لنا ، وصار الطعام وفيراً ..
فكر الثوران الأسود والأحمر بما قاله الأسد ، وأعمى الطمع وحب النفس ، والجبن والأنانية قلبيهما عن التفكير ، ووافقا ، وأخبرا الأسد بذلك ، فراح الأسد وهاجم الثور الأبيض ، الذي راح يستنجد بإخويه الآخرين ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، ولم يمض وقت طويل حتى سمع الثوران الأحمر والأسود صرخة الثور الأبيض ، وعلما أن الأسد قد تمكن منه وأنشب فيه مخالبه ، ولكنهما تجاهلا ذلك ، وراحا يمنيان نفسيهما بالطعام الوفير ، وبالحصص الإضافية التي تنتظرهما .
هدأت الأمور و مرت الأيام ، وجاع الأسد مرة أخرى ، وراح يبحث عن مصدر جديد للطعام ، وكرر العملية نفسها مرة أخرى ، فراح إلى الثور الأسود ، وجعل الثور الأحمر ضحيته هذه المرة ، وفعلاً وافق الثور الأسود على الخطة ، فقد أعمى الطمع والجشع وحب الذات بصيرته ، و تملكته الأنانية ، وسيطر عليه الجبن والخوف من الأسد ، وكانت النتيجة المرة مرة أخرى ، فقد قتل الأسد الثور الأحمر ، وبقي هو والثور الأسود وحيدين في الأكمة ...
ثم وصل الدور إلى الثور الأسود ، فجاء إليه الأسد وقال له : إني آكلك لا محالة ، فأيقن الثور الأسود بالهلاك ، وطلب من الأسد طلباً أخيراً ، فقال له الأسد : ما هو ؟
فقال الثور الأسود : أريد أن تكتب بدمي بعدما تقتلني : أكلت يوم أكل الثور الأبيض
وهذا هو جزاء الجبناء والخونة ، فالدور واصل إليهم لا محالة .
تحياتي واحترامي للجميع