الرئيسيةالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر | 
 

 موسوعة قصص الأنبيآء .~

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 16:23

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


الأنبيـــآء

هم زآد الإيمـــآن ،، وذروة التقــوى

هم نبــع الأمــل ،، ورمز العطـــآء

منهــم تعلمنآآ ،، وبهمــم اقتدينآآ

ولن تكفيهــم حروفنــآآ

مهمآ كتبتآ ..

هنآ عبــر هذه الصفحــة

فـلنمجد ذكرآهم ،، أعمآلهم ،، سبل دعوآهم


ولنــدون قصصهــم

ولنجمعهــآ هنآ

لتكــون مرجعنــآ


ولتكـن بدآيتنآ نور


سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم
حياته

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن قصى بن كلاب بن مُره بن كعب
بن لؤى بن غالب بن فهر بن عدنان بن إسماعيل بن ابراهيم عليه السلام من
قبيلة قريش , ولد يوم الأثنين من إبريل سنة 571 ميلادية عام الفيل بمكة
المكرمة , لأبوين من قريش و هما : عبد الله بن عبد المطلب و آمنة بنت وهب
, مات أبوة عن أربعة و عشرين عاماً قبل مولده , و مات عبد الله بن عبد
المطلب و هو والد الرسول أثناء خروجة فى تجارة لة إلى الشام و دفن بيثرب (
المدينة المنورة ) و تكفل بة جدة عبد المطلب ثم مات جدة فتكفل بة عمة أبو
طالب , فرعاه و آواه و حفظه ووعاه و لم يسلمه للأعداء ثم توفيت أمة و هو
فى السادسة من عمره .



نشأة الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم و فترة شبابه

إقتضت حكمة الله تعالى أن لا يرسل رسولاً إلا و راعى غنم و لعلها أولى
مراتب مدرسة النبوة , فالحق سبحانه و تعالى يدرب رُسله على رعاية الرعية
برعى الغنمأولاً , لأن الغنم مجتمع و أمة فيهم القوى و فيهم الضعيف و
الشقى و الوديع و الصحيح , فإذا ما رعى الراعى ووفق بين هذة الأنواع
فىالأغنام , فإنة لا يستطيع أن يوافق بين الرعية من بنى الإنسان على
إختلاف صنوفهم و عقولهم و أفكارهم و التعامل مع كل نوع بما يناسبه , و قد
رعى رسول الله الغنم مثل من سبقوه من الأنبياء , و عندما صار شاباً يافعاً
, سافر مع عمه أبى طالب فى رحلات تجارية إلى الشام و نظراً لأمانتة و صدقه
قام بعده رحلات تجارية إلى الشام ثم قام بعدها برحلات خاصه لحساب السيدة
خديجة بنت خويلد , و هى أرملة ثرية , و سيأتى تفصيل ذلك بإذن الله تعالى .
و قد تعلم الفروسية و فنون القتال فى شبابة كعادة شباب العرب بعيداً عن
مجالس الخمر و لعب الميسر و كان يكره الأصنام الموجودة حول الكعبة , و من
شمائله يوم الحجر الأسود حينما تصارعت القبائل و تنازعوا فى وضع الحجر
أثناء تجديد الكعبة , كل قبيلة تريد أن تظفر بوضع الحجر الأسود ( و هو حجر
من الجنة ) و كادت تقع فتنةكبيرة و يشتعل القتال فأجتمعوا أمرهم أن
يحتكموا لأول داخل عليهم فكان هو محمد وبفطانه النبوه و رجاحه عقل
الأذكياء , يقرر أن يضع الحجر الأسعد فى عباءته و تأخذ كل قبيلة بطرف منها
, و بذلك تكون كل قبيلة قد ساهمت فىوضع الحجر , و أخمد نار الفتنة






....................................

شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم

كان رسول الله قوى الشخصية زكياً فطناً , شديد اللحظ ,
جميل الخلق , كريم الصفات , اثنى عليه ربه سبحانه و تعالى و قال {
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم } (4) سورة القلم , كان لايؤمن بدين قومة
و كان يميل إلى الوحدة بعيداً عنهم , و كان غالباً ما يعتزل أسرتة من وقت
لأخر ليتفكر فى خلق السماوات و الأرض والجبال و الشجر و كان دائماً ما
يذهب إلى غار حراء بجبل صغير لا يبعد عن مكة كثيراً و كان يذهب وحده ويوجه
نظره إلى الكعبة مكان العبادة و يتفكر فى خلق الكون و كانت السيدة خديجة
رضى الله عنها تعينه على ذلك و ترسل له الطعام فى الغار و كان ذلك قبل أن
يبلغ الأربعين عاماً من عمره , فتعود من صغره على العمل و التفكر و حسن
الخلق و كان أمُى لا يعرف القراءة ولا الكتابة و لكن علمه ربه فأحسن
تأديبه فأصبح اكبر و افضل معلمي البشرية
..................
نزول القرأن على الحبيب صلى الله عليه وسلم

عندما بلغ الرسول سن الأربعين عاماً و فى يوم الأثنين الموافق السابع عشر
من رمضان و بينما هو يتعبد فى الغار سمع صوتاً قوياً يقول له اقرأ ,
فيقول ما أنا بقارىء و يكرر ثانية اقرأ , فيقول ما أنا بقارىء , ثم يقول سيدنا جبريل فى الثالثة اقرأ
{اقْرَأْ
بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَق (2)
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)
عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم ْ}
سورة العلق .

و عندما قرأ سيدنا محمد هذة الأيات الكريمة و همَ بالخروج
من الغار سمع صوتاً يقول يا محمد أنت رسول الله و أنا جبريل , و عندما رفع
سيدنا محمد عينية رأى الملك ( سيدنا جبريل ) واقفاً على هيئة إنسان فى أفق
السماء ثم أختفى , فعاد رسول الله و هو فى حالة الفزع إلى السيدة خديجة
فكانت تهدىء من روعة و تقول : إنك رسول هذة الأمة , و هكذا حال الوحى ,
تارة صلصلة الجرس و تارة صوت الإنسان للإنسان . فعلم سيدنا محمد أنة هو
رسول هذة الأمة و أخذ يجهز نفسة لأكبر مهمة فى التاريخ و هى مهمة الدعوة
السرية و الجهرية للإسلام و لم يكن الأمر هيناً لأنة تربى فى قريش و هى من
اكبر قبائل مكة و كانت معظمها تعيش على الكفر و عبادة الأصنام و كان عمة
أبو طالب كافر و لكنة كان يحبة حباً شديداً و كان ابو طالب يدافع على
النبى دائماً سواء قبل الإسلام أو بعد نزول الوحى و بدأالدعوة .

..................
نشر الدعوة سراً

بدأ الرسول بالدعوة للإسلام بعد أن تيقن له أنه رسول هذة الأمة و
هو الذى سيُخرجها من الظلمات إلى النور فجاء إلى أعلى مكان فى مكة و صعد
إلى الجبل و قال للناس , أيها الناس: يا معشر قريش , أرءيتم إن قلت لكم
أنه خلف هذا الجبل خيل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقى؟ قالوا نعم , ما
جردنا عليك شىء من قبل فأنت الصادق الأمين , فقال لهم النبى : فإنى نذير
لكم بين يدى عذاب شديدً و إنى أدعوكم إلى الإسلام أو إلى عذاب من الله
تعالى و من هنا بدأت السخرية فبعد أن كان الصادق الأمين أصبح الكاذب و
الكاهن و الشاعر و بدل أسمة الجميل محمد سموة لعنهم الله (( المزمم )) ,
ثم أخذ رسول الله يدعوا إلى الله سراً فبدأ بدعوة أسرته وأصدقائه المخلصين
لعباده الله عز و جل فى مدة ثلاث سنوات سراً و أخذ رسول الله يدعوا
اصدقائه و أهله أن يتركوا عبادة الأصنام فكان أول من آمنت به : زوجته
خديجة بنت خويلد رضى الله عنها ثم ابن عمه على بن أبى طالب و زيد بن حارثة
و صديقه أبو بكر الصديق و بعض أقاربة و أخذ كل منهم يدعوا إلى الله فى أهل
بيتة و كل من يعرفونة حتى بلغ لقريش أن محمد يدعوا قريش لترك عبادة
الأصنام و الاتجاه لعباده الله وحده لا شريك له و من هنا بدأت رحلة الجهر
بالدعوة و بدأت عداوة الكفار للرسول .


نشر الدعوة جهراً و عداء قريش

فى نهاية السنة الثالثة للدعوة سراً أمر الله تعالى رسوله أن يعلن الدعوة
جهراً و أن يعظ الناس و ليعبدوا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذى لم
يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد و ليتركوا عبادة الأصنام و ما أن
شعرت قريش بذلك إلا و اتهمت رسول الله بالجنون لأن عبادة الأصنام بالنسبة
لهم مصلحة إقتصادية و منفعة أدبية ثم نشطت عداوة قريش له و خاصة عمه أبو
لهب و زوجتة أم جميل بنت حرب و أبو جهل (عمرو بن هشام ) و كان يكنى بأبى
الحكم , بينما بدأ الكفار يعذبون أقاءهم ( مملوكيهم ) ممن آمنوا مع محمد و
صدقوا برسالته , و فى أول الأمر امتنعوا عن ايذاء الرسول لحماية عمه أبى
طالب له , و لكن قريش لم تستطع كتم غيظها فذهب بعضهم إلى عمة أبى طالب و
أخبروة إما أن يمتنع محمد عما يقوله و إما ينازلوه فرفض محمد مقولة عمه و
قال مقولته المشهورة
((والله لو وضعوا الشمس فى يمينى و القمر فى يسارى على أن اترك هذا الأمر لن أتركه حتى يظهره الله أو أهلك دونه))
, و كان عمه يناصره و يعلم أن لإبن أخيه هذا شأن عظيم , لما رأى مصاحبته و
مرافقته فى المسير من أشياء تدله على ذلك مثل : إظلال الغمام له و نزول
الماء حتى أستسقى لهم يوم أن قحط القوم و أجدبت الأرض و استسقت قريش
بأصنامها جميعاً فلم تُسق فجاءوا إلى ابى طالب و قالوا : استسق لنا بإبن
أخيك هذا اليتيم فأشار بأصبعه الشريف إلى السماء فأنهمرت بالماء فأرتوى
العطشى و اخضرت الأرض و شرب كل ذى الروح و بذلك كان يعلم ابى طالب ان
لمحمد شأن عظيم سيناله و لكنه كان على كفره حتى توفى فأزداد إيذاء الكفار
لمحمد و ضربوه بالحجاره و كانوا يضعون على ظهرة أمعاء جمل ميت و هو يصلى و
كانوا يخنقونة و هو يصلى و كان عقبة بن ابى معيط لعنه الله يفعل الكثير من
الاضرار برسول الله و بصق على وجه النبى و مثلة مثل باقى قريش الذين
تربصوا لرسول الله و اجتمعوا على أن يقتلوه فجمعوا من كل قبيله رجل
ليقتلوه و هو يخرج من غاره فيتفرق دمه فى القبائل و لكن الله تعالى نصره
وأعمى أعينهم و أبصارهم والله على كل شىء قدير



دمتـم بهنــآء



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 16:32

مواجهة
عبدة الأصنام
:


خرج إبراهيم على قومه بدعوته. قال
بحسم غاضب وغيرة على الحق:


إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا
هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا
عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ
لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي
ضَلَالٍ مُّبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (56) (الأنبياء)


انتهى الأمر وبدأ الصراع بين إبراهيم وقومه.. كان أشدهم ذهولا وغضبا هو أباه أو
عمه الذي رباه كأب.. واشتبك
الأب والابن في الصراع. فصلت
بينهما المبادئ فاختلفا.. الابن يقف مع الله، والأب يقف مع الباطل.


قال الأب لابنه: مصيبتي فيك كبيرة يا
إبراهيم.. لقد خذلتني وأسأت إلي.


قال إبراهيم:


يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا
يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا
(42) يَا
أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي
مِنَ
الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا
(43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ
لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا

(45) (مريم)


انتفض الأب واقفا وهو يرتعش من الغضب.
قال لإبراهيم وهو ثائر إذا لم تتوقف عن دعوتك هذه فسوف أرجمك،
سأقتلك ضربا بالحجارة. هذا جزاء من يقف ضد الآلهة.. اخرج من بيتي.. لا أريد أن أراك.. اخرج.


انتهى الأمر وأسفر الصراع عن طرد إبراهيم من بيته. كما أسفر عن تهديده بالقتل رميا
بالحجارة. رغم ذلك تصرف
إبراهيم كابن بار ونبي كريم. خاطب
أباه بأدب الأنبياء. قال لأبيه ردا على الإهانات والتجريح
والطرد والتهديد بالقتل:


قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ
لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا
(47) وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَمَا تَدْعُونَ
مِن
دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي
شَقِيًّا (48)
(
مريم)


وخرج إبراهيم من بيت أبيه. هجر قومه
وما يعبدون من دون الله. وقرر في نفسه أمرا. كان يعرف أن هناك احتفالا عظيما يقام على الضفة الأخرى من النهر، وينصرف
الناس جميعا إليه. وانتظر
حتى جاء الاحتفال وخلت المدينة
التي يعيش فيها من الناس.


وخرج إبراهيم حذرا وهو يقصد بخطاه المعبد. كانت
الشوارع المؤدية
إلى المعبد خالية. وكان المعبد
نفسه مهجورا. انتقل كل الناس إلى الاحتفال. دخل إبراهيم المعبد
ومعه فأس حادة. نظر إلى تماثيل الآلهة المنحوتة من الصخر والخشب. نظر إلى الطعام الذي وضعه الناس أمامها كنذور وهدايا. اقترب إبراهيم من التماثيل وسألهم: (أَلَا تَأْكُلُونَ) كان يسخر منهم ويعرف أنهم لا يأكلون. وعاد يسأل التماثيل: (مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ) ثم هوى بفأسه على الآلهة.


وتحولت الآلهة المعبودة إلى قطع صغيرة
من الحجارة والأخشاب المهشمة.. إلا كبير الأصنام فقد تركه إبراهيم (لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) فيسألونه كيف وقعت الواقعة وهو حاضر فلم يدفع عن صغار الآلهة! ولعلهم
حينئذ يراجعون القضية
كلها، فيرجعون إلى صوابهم.


إلا أن قوم إبراهيم
الذين عطّلت الخرافة عقولهم
عن التفكير، وغلّ التقليد أفكارهم عن التأمل والتدبر. لم يسألوا أنفسهم: إن كانت هذه آلهة فكيف وقع لها ما وقع دون أن تدفع عن
أنفسها شيئا؟! وهذا كبيرها كيف لم
يدفع عنها؟! وبدلا من ذلك (قَالُوا
مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ
الظَّالِمِينَ).


عندئذ تذكر الذين سمعوا إبراهيم ينكر على
أبيه ومن معه عبادة التماثيل، ويتوعدهم أن يكيد
لآلهتهم بعد انصرافهم عنها!


فأحضروا إبراهيم
عليه السلام، وتجمّع الناس، وسألوه (أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا
إِبْرَاهِيمُ
)؟ فأجابهم إبراهيم (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ
هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ
) والتهكم واضح في هذا
الجواب الساخر. فلا داعي لتسمية
هذه كذبة من إبراهيم -عليه السلام- والبحث عن تعليلها بشتى
العلل التي اختلف عليها المفسرون. فالأمر أيسر من هذا بكثير! إنما أراد أن يقول لهم: إن هذه التماثيل لا تدري من حطمها إن
كنت أنا أم هذا الصنم
الكبير الذي لا يملك مثلها
حراكا. فهي جماد لا إدراك له أصلا. وأنتم كذلك مثلها مسلوبو الإدراك
لا تميزون بين الجائز والمستحيل. فلا تعرفون إن كنت أنا الذي حطمتها أم أن هذا التمثال هو الذي حطمها!


ويبدو أن هذا التهكم الساخر قد هزهم
هزا، وردهم إلى شيء من التدبر التفكر:


فَرَجَعُوا إِلَى
أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ
الظَّالِمُونَ
(64) (الأنبياء)


وكانت بادرة خير أن
يستشعروا ما في موقفهم من سخف
،
وما في عبادتهم لهذه التماثيل من ظلم. وأن
تتفتح بصيرتهم لأول مرة فيتدبروا ذلك السخف الذي يأخذون به أنفسهم،
وذلك الظلم الذي هم فيه سادرون. ولكنها لم تكن إلا ومضة

واحدة أعقبها الظلام، وإلا خفقة واحدة عادت بعدها
قلوبهم إلى الخمود
:


ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ
عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ
(65) (الأنبياء)


وحقا كانت الأولى
رجعة إلى النفوس، وكانت الثانية نكسة على الرؤوس؛ كما يقول التعبير
القرآني المصور
العجيب.. كانت الأولى حركة في النفس للنظر والتدبر. أما
الثانية فكانت انقلابا على
الرأس فلا عقل ولا تفكير. وإلا فإن قولهم هذا الأخير هو الحجة عليهم. وأية
حجة
لإبراهيم أقوى من أن هؤلاء لا ينطقون؟


ومن ثم يجيبهم بعنف وضيق
على غير عادته وهو الصبور الحليم
. لأن السخف هنا يجاوز صبر الحليم:


قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا
لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ
(66) أُفٍّ لَّكُمْ
وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ
اللَّهِ
أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(67) (الأنبياء)


وهي قولة
يظهر فيها ضيق الصدرن وغيظ النفس، والعجب من السخف الذي
يتجاوز كل مألوف.


عند
ذلك أخذتهم
العزة بالإثم كما تأخذ الطغاة دائما
حين
يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل، فيلجأون إلى القوة الغاشمة
والعذاب
الغليظ:


قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) (الأنبياء)


نجاة
إبراهيم عليه
السلام من النار:


وفعلا.. بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم.
انتشر النبأ في المملكة كلها. وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليشهدوا عقاب الذي تجرأ على الآلهة وحطمها واعترف بذلك
وسخر من الكهنة. وحفروا حفرة
عظيمة ملئوها بالحطب والخشب
والأشجار. وأشعلوا فيها النار. وأحضروا المنجنيق وهو آلة جبارة
ليقذفوا إبراهيم فيها فيسقط في حفرة النار.. ووضعوا إبراهيم بعد أن قيدوا يديه وقدميه في المنجنيق. واشتعلت النار في الحفرة وتصاعد
اللهب إلى السماء. وكان
الناس يقفون بعيدا عن الحفرة من
فرط الحرارة اللاهبة. وأصدر كبير الكهنة أمره بإطلاق إبراهيم
في النار.


جاء جبريل عليه السلام
ووقف عند رأس إبراهيم وسأله: يا إبراهيم.. ألك حاجة؟


قال إبراهيم: أما
إليك فلا.


انطلق المنجنيق ملقيا إبراهيم في حفرة النار.
كانت النار موجودة
في مكانها، ولكنها لم تكن تمارس
وظيفتها في الإحراق. فقد أصدر الله جل جلاله إلى النار أمره بأن تكون (بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ). أحرقت النار قيوده فقط. وجلس إبراهيم وسطها كأنه يجلس وسط حديقة. كان يسبّح بحمد ربه ويمجّده. لم يكن في
قلبه مكان خال يمكن أن يمتلئ بالخوف أو الرهبة أو
الجزع. كان القلب مليئا بالحب وحده. ومات الخوف. وتلاشت الرهبة. واستحالت النار
إلى سلام بارد يلطف عنه حرارة
الجو.


جلس الكهنة والناس يرقبون النار من بعيد. كانت حرارتها تصل إليهم على الرغم من بعدهم
عنها. وظلت النار تشتعل فترة طويلة حتى ظن الكافرون
أنها لن تنطفئ أبدا. فلما
انطفأت فوجئوا بإبراهيم يخرج من
الحفرة سليما كما دخل. ووجهه يتلألأ بالنور والجلال. وثيابه كما هي
لم تحترق. وليس عليه أي أثر للدخان أو الحريق.


خرج إبراهيم من النار كما لو كان يخرج من حديقة. وتصاعدت صيحات الدهشة الكافرة. خسروا
جولتهم خسارة مريرة
وساخرة.


وَأَرَادُوا بِهِ
كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ
(70)
(
الأنبياء)


لا يحدثنا القرآن الكريم عن عمر إبراهيم حين
حطم أصنام قومه، لا يحدثنا عن السن
التي كلف فيها بالدعوة إلى الله.
ويبدو من استقراء النصوص القديمة أن إبراهيم كان شابا صغيرا حين
فعل ذلك، بدليل قول قومه عنه: (سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ
إِبْرَاهِيمُ
). وكلمة الفتى
تطلق على السن التي تسبق العشرين.


مواجهة
عبدة الملوك
:


إن زمن اصطفاء الله تعالى لإبراهيم غير محدد في القرآن. وبالتالي فنحن لا نستطيع أن نقطع
فيه بجواب نهائي. كل ما
نستطيع أن نقطع فيه برأي، أن
إبراهيم أقام الحجة على عبدة التماثيل بشكل قاطع، كما أقامها على
عبدة النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم، ولم يبق إلا أن تقام الحجة على الملوك المتألهين وعبادهم.. وبذلك تقوم الحجة على جميع
الكافرين.


فذهب إبراهيم عليه
السلام لملك متألّه كان في زمانه. وتجاوز القرآن اسم
الملك لانعدام أهميته، لكن روي
أن الملك المعاصر لإبراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الآراميين
بالعراق. كما تجاوز حقيقة مشاعره، كما تجاوز الحوار الطويل الذي دار بين إبراهيم وبينه. لكن الله تعالى في كتابه الحكيم أخبرنا الحجة الأولى التي أقامها
إبراهيم عليه السلام على الملك الطاغية، فقال إبراهيم بهدوء: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ)


قال الملك: (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضر رجلا يسير في
الشارع وأقتله، وأستطيع أن أعفو
عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه
من الموت.. وبذلك أكون قادرا
على الحياة والموت.


لم يجادل إبراهيم الملك
لسذاجة ما يقول. غير أنه أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في
الحقيقة ليس قادرا. فقال إبراهيم: (فَإِنَّ
اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ
الْمَغْرِبِ)


استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا..
فلما انتهى كلام النبي بهت الملك. أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب. لقد أثبت له إبراهيم أنه كاذب.. قال له إن الله يأتي بالشمس من المشرق،
فهل يستطيع هو أن يأتي بها
من المغرب.. إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها.. قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها. ولو كان الملك
صادقا في ادعائه الألوهية
فليغير نظام الكون وقوانينه.. ساعتها
أحس الملك بالعجز.. وأخرسه التحدي. ولم يعرف ماذا يقول، ولا
كيف يتصرف. انصرف إبراهيم من قصر الملك، بعد أن بهت الذي كفر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 16:34

هجرة إبراهيم عليه
السلام
:


انطلقت شهرة إبراهيم في المملكة كلها. تحدث الناس عن معجزته ونجاته
من النار، وتحدث الناس عن موقفه مع

الملك وكيف أخرس الملك
فلم يعرف ماذا يقول. واستمر إبراهيم في دعوته لله تعالى
. بذل
جهده ليهدي قومه، حاول إقناعهم بكل الوسائل، ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب
قومه وهجروه، ولم يؤمن معه من قومه سوى امرأة
ورجل واحد. امرأة تسمى سارة، وقد

صارت فيما بعد زوجته،
ورجل هو لوط، وقد صار نبيا فيما بعد. وحين أدرك إبراهيم أن
أحدا لن يؤمن بدعوته. قرر الهجرة.


قبل أن يهاجر، دعا والده
للإيمان، ثم تبين

لإبراهيم أن والده عدو
لله، وأنه لا ينوي الإيمان، فتبرأ منه وقطع علاقته
به.


للمرة الثانية في قصص الأنبياء نصادف هذه المفاجأة. في قصة نوح كان الأب نبيا والابن كافرا، وفي قصة إبراهيم كان الأب كافرا والابن نبيا، وفي
القصتين نرى المؤمن يعلن براءته من عدو
الله رغم كونه ابنه أو والده، وكأن الله يفهمنا من خلال
القصة أن العلاقة الوحيدة

التي ينبغي أن تقوم
عليها الروابط بين الناس، هي علاقة الإيمان لا علاقة الميلاد
والدم.


خرج إبراهيم عليه السلام من بلده وبدأ هجرته. سافر إلى مدينة تدعى أور. ومدينة تسمى حاران. ثم رحل
إلى فلسطين ومعه زوجته، المرأة

الوحيدة التي آمنت به. وصحب
معه
لوطا.. الرجل الوحيد الذي آمن به.


بعد فلسطين ذهب إبراهيم إلى مصر. وطوال هذا الوقت وخلال هذه الرحلات
كلها، كان يدعو الناس إلى عبادة الله،
ويحارب في سبيله، ويخدم الضعفاء والفقراء، ويعدل بين
الناس، ويهديهم إلى الحقيقة

والحق.


وتأتي بعض
الروايات لتبين قصة إبراهيم
عليه السلام وزوجته سارة وموقفهما مع ملك مصر. فتقول:


وصلت الأخبار
لملك مصر بوصول رجل لمصر
معه أمرأة هي أجمل نساء الأرض. فطمع بها. وأرسل جنوده ليأتونه
بهذه المرأة. وأمرهم
بأن يسألوا عن الرجل الذي معها، فإن كان زوجها فليقتلوه. فجاء
الوحي لإبراهيم عليه
السلام بذلك. فقال إبراهيم -عليه السلام- لسارة إن سألوك عني فأنت
أختي -أي أخته في
الله-، وقال لها ما على هذه الأرض مؤمن غيري وغيرك -فكل أهل مصر
كفرة، ليس فيها
موحد لله عز وجل. فجاء الجنود وسألوا إبراهيم: ما تكون هذه منك؟
قال
:
أختي.


لنقف هنا
قليلا.. قال إبراهيم حينما
قال لقومه (إني سقيم) و (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه) و (هي أختي).
كلها كلمات
تحتمل التاويل. لكن مع هذا كان إبراهيم عليه السلام خائفا جدا من
حسابه على هذه
الكلمات يوم القايمة. فعندما يذهب البشر له يوقم القيامة ليدعوا
الله أن يبدأ
الحساب يقول لهم لا إني كذب على ربي ثلاث مرات.


ونجد أن البشر
الآن يكذبون أمام الناس
من غير استحياء ولا خوف من خالقهم.


لما عرفت سارة
أن ملك مصر فاجر ويريدها
له أخذت تدعوا الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك
وأحصنت فرجي إلا
على زوجي فلا تسلط علي الكافر.


فلما أدخلوها
عليه. مد يده إليها ليلمسها فشلّ
وتجمدت يده في مكانها، فبدأ بالصراخ لأنه لم يعد يستطيع تحريكها،
وجاء أعوانه
لمساعدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء. فخافت سارة على نفسها أن
يقتلوها بسبب
ما فعلته بالملك. فقالت: يا رب اتركه لا يقتلوني به. فاستجاب الله
لدعائها.


لكن الملك لم
يتب وظن أن ما حدث كان
أمرا عابرا وذهب. فهجم عليها مرة أخرى. فشلّ مرة ثانية. فقال: فكيني.
فدعت الله
تعالى فَفَكّه. فمد يده ثالثة فشلّ. فقال: فكيني وأطلقك
وأكرمك. فدعت الله سبحانه
وتعالى فَفُك. فصرخ الملك بأعوانه: أبعدوها عني فإنكم لم تأتوني
بإنسان بل أتيتموني
بشيطان.


فأطلقها
وأعطاها شيئا من الذهب، كما
أعطاها أَمَةً اسمها "هاجر".


هذه الرواية
مشهورة عن دخول إبراهيم
-عليه السلام- لمصر.


وكانت زوجته سارة لا تلد. وكان ملك مصر قد أهداها سيدة مصرية
لتكون في خدمتها، وكان إبراهيم قد صار
شيخا، وابيض شعره من خلال عمر أبيض أنفقه في الدعوة إلى
الله، وفكرت سارة إنها

وإبراهيم وحيدان، وهي لا
تنجب أولادا، ماذا لو قدمت له السيدة المصرية لتكون زوجة
لزوجها؟ وكان اسم المصرية "هاجر". وهكذا زوجت
سارة سيدنا إبراهيم من هاجر، وولدت

هاجر ابنها الأول فأطلق
والده عليه اسم

"إسماعيل".
كان إبراهيم شيخا حين ولدت له هاجر أول أبنائه إسماعيل.


ولسنا نعرف أبعاد المسافات التي قطعها إبراهيم في رحلته إلى
الله. كان دائما هو المسافر إلى الله
. سواء
استقر به المقام في بيته أو حملته خطواته سائحا في الأرض. مسافر إلى الله يعلم
إنها أيام على الأرض وبعدها يجيء الموت ثم
ينفخ في الصور وتقوم قيامة الأموات ويقع
البعث.


إحياء الموتى:


ملأ اليوم الآخر قلب إبراهيم بالسلام والحب واليقين. وأراد أن يرى
يوما كيف يحيي الله عز وجل الموتى
. حكى الله هذا الموقف في سورة (البقرة).. قال
تعالى
:


وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ
تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ
تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ
قَلْبِي




لا تكون هذه الرغبة في طمأنينة القلب مع الإيمان إلا درجة من درجات
الحب لله
.


قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ
فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ
اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ
عَزِيزٌ
حَكِيمٌ



فعل إبراهيم ما أمره به الله. ذبح أربعة من الطير وفرق أجزاءها على
الجبال. ودعاها باسم الله فنهض الريش
يلحق بجناحه، وبحثت الصدور عن رؤوسها، وتطايرت أجزاء
الطير مندفعة نحو الالتحام،

والتقت الضلوع بالقلوب،
وسارعت الأجزاء الذبيحة للالتئام، ودبت الحياة في الطير،
وجاءت طائرة مسرعة ترمي بنفسها في أحضان إبراهيم. اعتقد
بعض المفسرين إن هذه

التجربة كانت حب استطلاع
من إبراهيم. واعتقد بعضهم أنه أراد أن يرى يد ذي الجلال
الخالق وهي تعمل، فلم ير الأسلوب وإن رأى النتيجة. واعتقد
بعض المفسرين أنه اكتفى

بما قاله له الله ولم
يذبح الطير. ونعتقد أن هذه التجربة كانت درجة من درجات الحب
قطعها المسافر إلى الله. إبراهيم.


رحلة إبراهيم مع
هاجر وإسماعيل لوادي
مكة:


استيقظ إبراهيم يوما فأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها وتستعد لرحلة طويلة.
وبعد أيام بدأت رحلة إبراهيم مع

زوجته هاجر ومعهما
ابنهما
إسماعيل. وكان الطفل رضيعا لم يفطم بعد. وظل إبراهيم يسير وسط أرض مزروعة تأتي بعدها صحراء تجيء بعدها
جبال. حتى دخل إلى صحراء الجزيرة

العربية، وقصد إبراهيم
واديا ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام ولا مياه ولا
شراب. كان الوادي يخلو تماما من علامات
الحياة. وصل إبراهيم إلى الوادي، وهبط من
فوق ظهر دابته. وأنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك
معهما جرابا فيه بعض الطعام،

وقليلا من الماء. ثم
استدار وتركهما وسار
.


أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا
الوادي الذي ليس فيه

شيء؟


لم يرد عليها سيدنا إبراهيم. ظل يسير. عادت تقول له ما قالته وهو
صامت. أخيرا فهمت أنه لا يتصرف

هكذا من نفسه. أدركت أن
الله أمره بذلك وسألته: هل الله أمرك بهذا؟ قال إبراهيم
عليه السلام: نعم.


قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذي
أمرك بهذا. وسار إبراهيم حتى إذا أخفاه
جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو
الله
: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي
بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ
الْمُحَرَّمِ).


لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانت
هناك حكمة عليا في هذه التصرفات الغامضة،
فقد كان إسماعيل الطفل الذي ترك مع أمه في هذا المكان،
كان هذا الطفل هو الذي سيصير

مسؤولا مع والده عن بناء
الكعبة فيما بعد. وكانت حكمة الله تقضي أن يمتد العمران
إلى هذا الوادي، وأن يقام فيه بيت الله الذي نتجه جميعا
إليه أثناء الصلاة

بوجوهنا.


ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء وعاد راجعا إلى كفاحه في
دعوة الله. أرضعت أم إسماعيل ابنها

وأحست بالعطش. كانت
الشمس ملتهبة وساخنة وتثير الإحساس بالعطش. بعد يومين انتهى
الماء تماما، وجف لبن الأم. وأحست هاجر
وإسماعيل بالعطش.. كان الطعام قد انتهى هو
الآخر. وبدا الموقف صعبا وحرجا للغاية.


ماء زمزم:


بدأ إسماعيل يبكي من
العطش. وتركته أمه
وانطلقت تبحث عن ماء. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه
"الصفا". فصعدت إليه وراحت تبحث بهما عن بئر أو
إنسان أو قافلة. لم يكن هناك شيء
. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى
الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى
جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"، فصعدت
إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر

أحدا. وعادت الأم إلى
طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه. وأسرعت إلى الصفا فوقفت
عليه، وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه. وراحت
تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين

الصغيرين. سبع مرات وهي
تذهب وتعود. ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين
الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهم العظيم إسماعيل. عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث. وجلست بجوار ابنها
الذي كان صوته قد بح من

البكاء والعطش.


وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضرب إسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم. وفار الماء من البئر. أنقذت حياتا الطفل والأم. راحت
الأم تغرف بيدها وهي تشكر

الله. وشربت وسقت طفلها
وبدأت الحياة تدب في المنطقة. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع
ما دام الله معنا.


وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة. وجذب الماء الذي انفجر من بئر
زمزم عديدا من الناس. وبدأ العمران

يبسط أجنحته على المكان.


الأمر بذبح
إسماعيل عليه السلام
:


كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه العقب على كبر فأحبه.. وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب. فقد
رأى إبراهيم عليه السلام

في المنام أنه يذبح ابنه
الوحيد
إسماعيل. وإبراهيم يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي.


انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل
أي
نوع من أنواع الاختبار. نحن أمام نبي قلبه
أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله
وحب من خلق. جاءه ابن على كبر.. وقد طعن هو في السن ولا
أمل هناك في أن ينجب. ثم ها

هو ذا يستسلم للنوم فيرى
في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره
.


أي نوع من الصراع نشب في نفسه.
يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط
. لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من
الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم
.. صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية. لكن
إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح ابنه
. فليس
إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره
.


فكر إبراهيم في ولده.. ماذا
يقول عنه إذا أرقده على الأرض

ليذبحه.. الأفضل أن يقول
لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا
ويذبحه قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ
أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى
). انظر
إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي
في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى
الابن الكريم في ذلك؟ أجاب

إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ
الصَّابِرِينَ
). تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل
للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن

والده أنه سيجده (إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال وعلى كل حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من
الله.. ها هو ذا إبراهيم

يكتشف أن ابنه ينافسه في
حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم بعد
استسلام ابنه الصابر.


ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا إبراهيم
يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر

الله مطاع. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم
القرآن هذا التعبير
.. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) هذا هو
الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء
.


عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي
كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره
.. نادى الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى
الله
إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا
للمسلمين. عيدا يذكرهم

بمعنى الإسلام الحقيقي
الذي كان عليه إبراهيم

وإسماعيل.


ومضت قصة إبراهيم. ترك ولده إسماعيل وعاد يضرب في أرض الله داعيا إليه، خليلا له وحده. ومرت
الأيام. كان

إبراهيم قد هاجر من أرض
الكلدانيين مسقط رأسه في العراق وعبر الأردن وسكن في أرض
كنعان في البادية. ولم يكن إبراهيم ينسى خلال دعوته إلى
الله أن يسأل عن أخبار لوط

مع قومه، وكان لوط أول
من آمن به، وقد أثابه الله بأن بعثه نبيا إلى قوم من
الفاجرين العصاة.


البشرى بإسحاق:


كان إبراهيم جالس لوحده. في هذه اللحظة، هبطت على الأرض أقدام ثلاثة من الملائكة:
جبريل وإسرافيل وميكائيل
. يتشكلون في صور بشرية من الجمال الخارق. ساروا
صامتين. مهمتهم مزودجة. المرور على

إبراهيم وتبشيره. ثم
زيارة قوم لوط ووضع حد لجرائمهم
.


سار الملائكة الثلاثة قليلا. ألقى أحدهم حصاة أمام إبراهيم. رفع
إبراهيم رأسه.. تأمل وجوههم.. لا يعرف
أحدا فيهم. بادروه بالتحية. قالوا: سلاما. قال: سلام.


نهض إبراهيم ورحب بهم. أدخلهم بيته وهو يظن أنهم ضيوف وغرباء. أجلسهم واطمأن
أنهم قد اطمأنوا، ثم استأذن

وخرج. راغ إلى أهله.


نهضت زوجته سارة حين دخل عليها. كانت عجوزا قد ابيض شعرها ولم يعد
يتوهج بالشباب فيها غير وميض الإيمان الذي
يطل من عينيها.


قال إبراهيم لزوجته: زارنا ثلاثة غرباء.


سألته: من يكونون؟


قال: لا أعرف أحدا فيهم. وجوه غريبة على المكان. لا
ريب أنهم من مكان بعيد، غير أن

ملابسهم لا تشي بالسفر
الطويل. أي طعام جاهز لدينا؟



قالت: نصف شاة.


قال وهو يهم بالانصراف: نصف شاة.. اذبحي لهم عجلا
سمينا. هم ضيوف وغرباء. ليست معهم دواب
أو أحمال أو طعام. ربما كانوا جوعى وربما كانوا فقراء.


اختار إبراهيم عجلا سمينا وأمر بذبحه، فذكروا عليه اسم الله وذبحوه. وبدأ
شواء العجل على الحجارة الساخنة
. وأعدت المائدة. ودعا إبراهيم ضيوفه إلى
الطعام. أشار إبراهيم بيده أن

يتفضلوا باسم الله، وبدأ
هو يأكل ليشجعهم. كان إبراهيم كريما يعرف أن الله لا يتخلى
عن الكرماء وربما لم يكن في بيته غير هذا
العجل، وضيوفه ثلاثة ونصف شاة يكفيهم
ويزيد، غير أنه كان سيدا عظيم الكرم. راح إبراهيم يأكل
ثم استرق النظر إلى ضيوفه

ليطمئن أنهم يأكلون. لاحظ
أن أحدا لا يمد يده إلى الطعام. قرب إليهم الطعام وقال
: ألا
تأكلون؟ عاد إلى طعامه ثم اختلس إليهم نظرة فوجدهم لا يأكلون.. رأى أيديهم لا
تصل إلى الطعام. عندئذ (أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً). في
تقاليد البادية التي عاش
فيها إبراهيم، كان معنى امتناع الضيوف عن الأكل أنهم
يقصدون شرا بصاحب البيت.


ولاحظ إبراهيم بينه وبين نفسه أكثر من ملاحظة تؤيد غرابة ضيوفه. لاحظ
أنهم دخلوا عليه فجأة. لم يرهم إلا وهم
عند رأسه. لم يكن معهم دواب تحملهم، لم تكن معهم أحمال. وجوههم
غريبة تماما عليه
. كانوا مسافرين وليس عليهم أثر لتراب السفر. ثم
ها هو ذا يدعوهم إلى طعامه فيجلسون

إلى المائدة ولا يأكلون.
ازداد خوف إبراهيم
.


كان الملائكة يقرءون أفكاره التي تدور في نفسه، دون أن يشي بها
وجهه. قال له أحد الملائكة
: (لاَ تَخَفْ). رفع إبراهيم رأسه وقال بصدق عظيم وبراءة: اعترف إنني خائف. لقد دعوتكم إلى الطعام ورحبت بكم،
ولكنكم لا تمدون أيديكم إليه.. هل

تنوون بي شرا؟


ابتسم أحد الملائكة وقال: نحن لا نأكل يا إبراهيم.. نحن ملائكة الله.. وقد (أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)


ضحكت زوجة إبراهيم.. كانت قائمة تتابع الحوار بين زوجها وبينهم، فضحكت.


التفت إليها أحد الملائكة وبشرها بإسحاق.


صكت العجوز وجهها تعجبا:


قَالَت يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) (هود)


عاد أحد الملائكة يقول لها:


وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ


جاشت المشاعر في قلب إبراهيم وزوجته. شف جو الحجرة وانسحب خوف
إبراهيم واحتل قلبه نوع من أنواع الفرح
الغريب المختلط. كانت زوجته العاقر تقف هي الأخرى وهي
ترتجف. إن بشارة الملائكة

تهز روحها هزا عميقا. إنها
عجوز عقيم وزوجها شيخ كبير. كيف؟! كيف يمكن؟
!


وسط هذا الجو الندي المضطرب تساءل إبراهيم:


أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ
الْكِبَرُ فَبِمَ
تُبَشِّرُونَ (54) (الحجر)


أكان يريد أن يسمع البشارة مرة أخرى؟ أكان يريد أن يطمئن قلبه
ويسمع للمرة الثانية منة الله عليه؟
أكان ما بنفسه شعورا بشريا يريد أن يستوثق؟ ويهتز بالفرح
مرتين بدلا من مرة واحدة؟

أكد له الملائكة أنهم
بشروه بالحق
.


قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ
الْقَانِطِينَ
(55) (الحجر)


قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ
الضَّآلُّونَ
(56) (الحجر)


لم يفهم الملائكة إحساسه البشري، فنوه عن أن يكون من القانطين،
وأفهمهم أنه ليس

قانطا.. إنما هو الفرح.


لم تكن البشرى شيئا بسيطا في حياة إبراهيم وزوجته. لم يكن لإبراهيم غير
ولد واحد هو

إسماعيل،
تركه هناك

بعيدا في الجزيرة
العربية. ولم تكن زوجته سارة قد أنجبت خلال عشرتها الطويلة
لإبراهيم، وهي التي زوجته من جاريتها هاجر. ومن
هاجر جاء

إسماعيل. أما سارة، فلم يكن لها ولد. وكان حنينها إلى الولد عظيما، لم يطفئ مرور
الأيام من توهجه. ثم دخلت

شيخوختها واحتضر حلمها
ومات. كانت تقول: إنها مشيئة الله عز وجل
.


هكذا أراد الله لها. وهكذا أراد لزوجها. ثم ها هي ذي في مغيب العمر تتلقى
البشارة. ستلد غلاما. ليس هذا فحسب، بشرتها
الملائكة بأن ابنها سيكون له ولد تشهد مولده وتشهد حياته.
لقد صبرت طويلا ثم يئست

ثم نسيت. ثم يجيء جزاء
الله مفاجأة تمحو هذا كله في لحظة
.


فاضت دموعها وهي تقف. وأحس إبراهيم عليه الصلاة والسلام
بإحساس محير. جاشت نفسه بمشاعر

الرحمة والقرب، وعاد يحس
بأنه إزاء نعمة لا يعرف كيف يوفيها حقها من الشكر. وخرّ
إبراهيم ساجدا على وجهه.


انتهى الأمر واستقرت البشرى
في ذهنيهما معا. نهض إبراهيم من سجوده
وقد ذهب عنه خوفه، واطمأنت حيرته، وغادره الروع، وسكنت قلبه البشرى التي حملوها
إليه. وتذكر أنهم أرسلوا إلى

قوم لوط.
ولوط
ابن
أخيه النازح معه من مسقط رأسه، والساكن على مقربة منه
. وإبراهيم
يعرف معنى إرسال الملائكة إلى

لوط وقومه. هذا معناه وقوع عذاب مروع. وطبيعة إبراهيم الرحيمة الودودة لا تجعله يطيق هلاك قوم
في تسليم. ربما رجع قوم

لوط وأقلعوا وأسلموا أجابوا رسولهم.


وبدأ إبراهيم يجادل الملائكة في قوم لوط. حدثهم عن احتمال إيمانهم ورجوعهم عن طريق الفجور، وأفهمه الملائكة أن هؤلاء قوم مجرمون. وأن مهمتهم هي
إرسال حجارة من طين مسومة من عند ربك
للمسرفين. وعاد إبراهيم، بعد أن سد الملائكة باب هذا
الحوار، عاد يحدثهم عن

المؤمنين من قوم لوط.
فقالت الملائكة: نحن أعلم بمن فيها. ثم أفهموه أن الأمر قد قضي. وإن
مشيئة الله تبارك وتعالى قد

اقتضت نفاذ الأمر وهلاك
قوم
لوط.
أفهموا إبراهيم أن عليه
أن يعرض عن هذا الحوار
. ليوفر حلمه ورحمته. لقد جاء أمر ربه. وتقرر
عليهم
(عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) عذاب
لن يرده جدال إبراهيم. كانت كلمة الملائكة
إيذانا بنهاية الجدال.. سكت إبراهيم. وتوجهت الملائكة
لقوم
لوط عليه السلام.





سنورد قصة بناء بيت الله
تعالى في قصة

إسماعيل عليه السلام.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: سيدنا سليمان عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 16:53



نبذة:

آتاه الله العلم والحكمة وعلمه منطق الطير والحيوانات وسخر له الرياح والجن، وكان له قصة مع الهدهد حيث أخبره أن هناك مملكة باليمن يعبد أهلها الشمس من دون الله فبعث سليمان إلى ملكة سبأ يطلب منها الإيمان ولكنها أرسلت له الهدايا فطلب من الجن أن يأتوا بعرشها فلما جاءت ووجدت عرشها آمنت بالله.


سيرته:


(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ
دَاوُودَ
) ورثه في النبوة
والملك.. ليس المقصود
وراثته في المال، لأن الأنبياء لا يورثون. إنما تكون أموالهم صدقة من
بعدهم للفقراء
والمحتاجين، لا
يخصون بها أقربائهم
. قال محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم
:
"
نحن معشر الأنبياء لا نورث".


ملك سليمان:


لقد آتى الله سليمانعليه السلام- ملكا عظيما، لم يؤته أحدا من قبله، ولن يعطه لأحد من
بعده إلى يوم القيامة. فقد
استجاب الله تعالى لدعوة سليمان (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ
مِّنْ بَعْدِي
). لنتحدث الآن عن
بعض الأمور التي سخرها الله لنبيه سليمان عليه السلام. لقد سخر له
أمرا لم يسخره
لأحد من قبله ولا بعده.. سخر الله له "الجن
". فكان لديهعليه السلام- القدرة على حبس الجن الذين لا
يطيعون أمره،
وتقييدهم
بالسلاسل وتعذيبهم. ومن
يعص سليمان يعذبه الله تعالى. لذلك كانوا يستجيبون
لأوامره، فيبنون له القصور،
والتماثيلالتي كانت مباحة في شرعهم- والأواني
والقدور الضخمة
جدا، فلا يمكن تحريكها من ضخامتها. وكانت تغوص له في أعماق
البحار وتستخرج اللؤلؤ والمرجان
والياقوت..


وسخر الله لسليمانعليه السلام- الريح فكانت تجري بأمره. لذلك كان يستخدمها سليمان في
الحرب. فكان لديه بساطا خشبيا
ضخم جدا، وكان يأمر الجيش بأن يركب على هذا الخشب،
ويأمر الريح بأن ترفع البساط
وتنقلهم للمكان المطلوب. فكان يصل في سرعة خارقة.


ومن نعم الله عليه، إسالة النحاس له. مثلما أنعم على والده داود بأن ألان له
الحديد وعلمه كيف يصهره.. وقد استفاد سليمان من النحاس المذاب فائدة
عظيمة في الحرب
والسلم
.


ونختم هذه النعم بجيش سليمان عليه السلام. كان جيشه مكون من:
البشر، والجن، والطيور. فكان
يعرف لغتها.


سليمان والخيل:


بعد عرض أنعم الله عليه، لنبدأ بقصته عليه السلام. وبعض
أحداثها
.


كان سليمانعليه السلام- يحب الخيل كثيرا، خصوصا ما يسمى
(بالصافنات
)، وهي من أجود أنواع الخيول
وأسرعها. وفي يوم من
الأيام، بدأ استعراض هذه الخيول أمام سليمان عصرا، وتذكر بعد
الروايات أن عددها كان أكثر
من عشرين ألف جواد، فأخذ ينظر إليها ويتأمل فيها، فطال
الاستعراض، فشغله عن ورده اليومي
في ذكر الله تعالى، حتى غابت الشمس، فانتبه، وأنب نفسه لأن
حبه لهذه الخيول شغله عن ذكر
ربه حتى غابت الشمس، فأمر بإرجاع الخيول له (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ). وجاءت هنا
روايتان كلاهما قوي. رواية تقول
أنه أخذ السيف وبدأ بضربها على رقابها وأرجلها، حتى لا
ينشغل بها عن ذكر الله. ورواية أخرى تقول أنه كان يمسح عليها ويستغفر
الله عز وجل،
فكان يمسحها ليرى السقيم منها من
الصحيح لأنه كان يعدّها للجهاد في سبيل الله.


ابتلاءسليمان:


ورغم كل هذه النعم العظيمة والمنح الخاصة، فقد فتن الله تعالى
سليمان.. اختبره وامتحنه، والفتنة
امتحان دائم، وكلما كان العبد عظيما كان امتحانه عظيما.


اختلف المفسرون في فتنة سليمان عليه السلام. ولعل أشهر رواية عن هذه الفتنة هي
نفسها أكذب رواية.. قيل إن
سليمان عزم على الطواف على نسائه السبعمائة في ليلة واحدة،
وممارسة الحب معهن حتى تلد كل
امرأة منهن ولدا يجاهد في سبيل الله، ولم يقل سليمان إن شاء
الله، فطاف على نسائه فلم تلد
منهن غير امرأة واحدة.. ولدت طفلا مشوها ألقوه على كرسيه.. والقصة
مختلقة من بدايتها
لنهايتها، وهي من الإسرائيليات الخرافية.


وحقيقة هذه الفتنة ما ذكره الفخر الرازي. قال: إن سليمان ابتلي
بمرض شديد حار فيه الطب. مرض
سليمان مرضا شديدا حار فيه أطباء الإنس والجن.. وأحضرت له الطيور
أعشابا طبية من أطراف الأرض
فلم يشف، وكل يوم كان المرض يزيد عليه حتى أصبح سليمان إذا
جلس على كرسيه كأنه جسد بلا
روح.. كأنه ميت من كثرة الإعياء والمرض.. واستمر هذا المرض
فترة كان سليمان فيها لا
يتوقف عن ذكر الله وطلب الشفاء منه واستغفاره وحبه.. وانتهى
امتحان الله تعالى لعبده
سليمان، وشفي سليمان.. عادت إليه صحته بعد أن عرف أن كل مجده
وكل ملكه وكل عظمته لا تستطيع
أن تحمل إليه الشفاء إلا إذا أراد الله سبحانه.. هذا هو الرأي
الذي نرتاح إليه، ونراه لائقا
بعصمة نبي حكيم وكريم كسليمان..


ويذكر لنا القرآن الكريم مواقف عدة، تتجلى لنا فيها حكمة سليمانعليه السلام- ومقدرته الفائقة على
استنتاج الحكم
الصحيح في
القضايا المعروضه عليه. ومن
هذه القصص ما حدث في زمن داودعليه السلام- قال تعالى:


وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ
نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ
الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا
سُلَيْمَانَ وَكُلًّا
آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا


جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب
حقل ومعه رجل آخر
..


وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا
الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم
لي بالتعويض..


قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك
أكلت حقل هذا الرجل؟


قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..


قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا
من الحقل الذي أكلته.


قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى
ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..


قال داود: قله يا سليمان..


قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى
صاحب الغنم غنمه..


قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة.


ومنها ما جاء في الحديث الصحيح: حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ
حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ
حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَمَا
امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا
ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ
إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ هَذِهِ
لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ . وَقَالَتِ
الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ
بِابْنِكِ . فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ
لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ
فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ
ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا . فَقَالَتِ
الصُّغْرَى لاَ
يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا . فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى
». قَالَ قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ
قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا
كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.


سليمان والنملة:


ويذكر
لنا القرآن الكريم قصة عجيبة:


وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ
جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَـتَّى إِذا أتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ
يَا أَيُّهَا النَّمْلُ
ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ
وَجُنُودُهُ
وَهُمْ لَا
يَشْعُرُونَ
(18) فَتَبَسَّمَ
ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا
وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي
أَنْعَمْتَ عَلَيَّ
وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ
وَأَدْخِلْنِي
بِرَحْمَتِكَ فِي
عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
(19) (النمل)


يقول العلماء "ما أعقلها من نملة وما أفصحها". (يَا) نادت، (أَيُّهَا) نبّهت، (ادْخُلُوا) أمرت، (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) نهت، (سُلَيْمَانُ) خصّت، (وَجُنُودُهُ) عمّت، (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) اعتذرت. سمع سليمان كلام النملة فتبسم ضاحكا من قولها.. ما الذي تتصوره هذه النملة! رغم كل عظمته وجيشه فإنه رحيم بالنمل.. يسمع همسه وينظر دائما أمامه ولا يمكن أبدا أن يدوسه.. وكان سليمان يشكر الله أن
منحه هذه النعمة.. نعمة الرحمة ونعمة الحنو
والشفقة والرفق.


سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ:


ولعل أشهر قصة عن سليمان
–عليه
السلام- هي قصته
مع بلقيس
ملكة سبأ.


جاء
يوم.. وأصدر سليمان أمره لجيشه أن
يستعد.. بعدها،
خرج
سليمان يتفقد الجيش، ويستعرضه ويفتش عليه..
فاكتشف
غياب الهدهد وتخلفه عن الوقوف مع
الجيش،
فغضب وقرر تعذيبه أو قتله، إلا إن كان
لديه
عذر قوي منعه من القدوم.


فجاء الهدهد ووقف على مسافة غير بعيدة عن سليمان –عليه السلام- (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ
فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ
تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) وانظروا كيف يخاطب هذا الهدهد أعظم ملك في الأرض، بلا إحساس بالذل أو المهانة، ليس كما يفعل ملوك اليوم لا يتكلم معهم أحد إلا ويجب أن تكون علامات الذل ظاهرة عليه. فقال الهدهد أن أعلم منك بقضية معينة، فجئت بأخبار أكيدة من مدينة سبأ باليمن. (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً) بلقيس
(تَمْلِكُهُمْ) تحكمهم
(وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ)
أعطاها
الله قوة وملكا عظيمين وسخّر لها
أشياء
كثيرة (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) وكرسي الحكم ضخم جدا ومرصّع بالجواهر
(وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) وهم يعبدون الشمس (وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ
) أضلهم الشيطان (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا
يَهْتَدُونَ
(24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ
الَّذِي يُخْرِجُ
الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا
تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ
) يسجدون للشمس ويتركون الله
سبحانه وتعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ
الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ) وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل، فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى.


فتعجب سليمان من كلام الهدهد، فلم يكن شائعا أن
تحكم المرأة البلاد، وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس، وتعجب من عرشها العظيم، فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما
(قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) وهذا منتهى العدل والحكمة. ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد وقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا
فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ
ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد يحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.


يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة، وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين، وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..


قَالَتْ يَا أَيُّهَا
المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ
إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(30) أَلَّا تَعْلُوا
عَلَيَّ وَأْتُونِي
مُسْلِمِينَ (31) (النمل)


هذا هو
نص خطاب الملك سليمان لملكة سبأ..


إنه
يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا
مباشرة.. إنه يتجاوز أمر عبادتهم للشمس.. ولا
يناقشهم في فساد عقيدتهم.. ولا يحاول
إقناعهم بشيء.. إنما
يأمر
فحسب.. أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي
يؤمن
به..؟ لا عليه إذن أن يأمرهم بالتسليم..


كان
هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة
المتعالية المهذبة في نفس الوقت..


طرحت
الملكة على رؤساء
قومها الرسالة..
وكانت عاقلة تشاورهم في جميع
الأمور: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا
المَلَأُ أَفْتُونِي فِي
أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).


كان رد
فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي.. أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة. أدركوا أن
هناك من يتحداهم
ويلوح
لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ
وَأُولُوا بَأْسٍ
شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).


أراد
رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب.. ويبدو أن الملكة كانت أكثر
حكمة من رؤساء قومها.. فإن رسالة سليمان
أثارت تفكيرها أكثر
مما
استنفرتها للحرب..


فكرت
الملكة طويلا في رسالة سليمان.. كان
اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به من قبل،
وبالتالي كانت تجهل
كل شيء
عن قوته، ربما يكون قويا إلى الحد الذي
يستطيع
فيه غزو مملكتها وهزيمتها.


ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو.. ورجحت الحكمة في نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية.. وقدرت في
نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة، فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية.. قدرت في نفسها أيضا إن إرسالها
بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته، وإذا سيكون رسلها عيونا في مملكته.. يرجعون بأخبار قومه وجيشه، وفي ضوء هذه المعلومات، سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا..


أخفت
الملكة ما يدور في نفسها، وحدثت
رؤساء قومها بأنها
ترى
استكشاف نيات الملك سليمان، عن طريق
إرسال
هدية إليه، انتصرت الملكة للرأي الذي
يقضي
بالانتظار والترقب.. وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا، لأن الملوك إذا دخلوا قرية انقلبت أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل..


واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..


وصلت
هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان..


جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية.. وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه.. ونادى سليمان في المملكة
كلها أن يحتشد الجيش.. ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح.. فوجئ رسل بلقيس بأن
كل غناهم وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان.. وصغرت هديتهم في أعينهم.


وفوجئوا
بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا.. وأدركوا
أنهم أمام جيش لا يقاوم..


ثم
قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد. وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال، وهذه الهدية علامة
صلح بيننا ونتمنى
أن
تقبلها. نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره
(فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا
آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ
مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم، وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه
بالمال. يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي
مُسْلِمِينَ
) ثم هددهم
(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم
بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم
مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ).


وصل
رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر.. حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه.. أفهموها أنها
ينبغي أن تزوره وتترضاه.. وجهزت الملكة نفسها
وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..


جلس
سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه
ووزرائه وقادة جنده وعلمائه.. كان يفكر في
بلقيس.. يعرف أنها
في
الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا الرغبة.. ويدفعها الخوف لا الاقتناع.. ويقرر
سليمان بينه وبين نفسه أن يبهرها
بقوته، فيدفعها ذلك
للدخول
في الإسلام. فسأل من حوله، إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن تصل الملكة لسليمان.


فعرش
الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها.. كان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة، وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة
والسبك.. وكانت
الحراسة
لا تغفل عن العرش لحظة..


فقال
أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل
أن ينتهي المجلس –وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر- وأنا قادر على حمله وأمين على جواهره.


لكن
شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم "الذي
عنده علم الكتاب" قال لسليمان أنا
أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تستغرقه
العين في الرمشة
الواحدة.


واختلف العلماء في "الذي عنده علم الكتاب"
فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام.


لكن
السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة
الكتاب غارقين في
غموض
كثيف مقصود.. نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان.. والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب، أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله.. وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة، وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.


هذا هو العرش ماثل أمام سليمان.. تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لم يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالك الملك.. وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة، ليرى أيشكر أم يكفر.


تأمل
سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر
بتغييره، أمر بإجراء
بعض
التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي، ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون.


كما
أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس. واختار
مكانا رائعا على البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر، وأمر أن تصنع أرضية القصر من زجاج شديد الصلابة، وعظيم الشفافية في نفس الوقت، لكي يسير السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح، ويرى أعشاب البحر وهي تتحرك.


تم
بناء القصر، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه
أرض حجراته، لم يكن يبدو أن هناك زجاجا. تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا فوقه.


يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره: الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه الحراس. والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي
تسبح تحتها الأسماك.


لما
اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش، نظرت إليه فرأته كعرشها تماما.. وليس كعرشها تماما.. إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟


قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟)


قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة: (كَأَنَّهُ هُوَ!)


قال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ).


توحي
عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن
تقارن بين عقيدتها وعلمها، وعقيدة
سليمان المسلمة
وحكمته.
إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي
هم
عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم
سليمان
وإسلامه.


لقد
سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى، هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس..


أدركت
بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء، وأنكرت فيه أجزاء وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان.. أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟!


انبهرت
بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله، مثلما انبهرت بما رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم.. وأدهشها
أكثر هذا الاتصال
العميق
بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته.


انتهى
الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء.. رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان، وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست
غير مخلوق خلقه
الله
تعالى وسخره لعباده، وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها، أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.


ثم قيل لبلقيس ادخلي القصر.. فلما نظرت لم تر
الزجاج، ورأت المياه، وحسبت أنها
ستخوض البحر، (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا) حتى لا يبتل رداؤها.


نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها
من البلل. ليست هناك مياه.
(إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ)..
إنه
زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته..


اختارت بلقيس هذه اللحظة لإعلان إسلامها.. اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت
(مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وتبعها قومها على الإسلام.


أدركت
أنها تواجه أعظم ملوك الأرض، وأحد أنبياء الله الكرام.


يسكت
السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد
إسلامها.. ويقول
المفسرون
أنها تزوجت سليمان بعد ذلك.. ويقال
أنها
تزوجت أحد رجاله.. أحبته وتزوجته، وثبت
أن بعض
ملوك الحبشة من نسل هذا الزواج.. ونحن
لا
ندري حقيقة هذا كله.. لقد سكت القرآن الكريم عن ذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان..
ولا
نرى نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد..


هيكل سليمان:


من
الأعمال التي قام بها سليمان –عليه السلام- إعادة بناء المسجد الأقصى الذي بناه يعقوب من قبل. وبنى بجانب المسجد
الأقصى هيكلا عظيما كان مقدسا
عند
اليهود –ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم. وقد ورد في الهدي النبوي الكريم أن سليمان لما بنى بيت المق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ميار
 
 
ميار

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 174
●○ تَقْييمـِﮯ : 2

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 17:12

يسلموا كتير على الموضوع الحلو

جزاك الله خيرا

دمتي بوووووووود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 17:24

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: سيدنا نوح عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 21:20

نوح (عليه السلام)

كان ـ في سالف الزمان ـ قوم مؤمنون، يعبدون الله وحده ويعتقدون بالمعاد،
ويفعلون الخيرات، فمات أولئك القوم، فحزن عليهم الناس لصلاحهم وأخلاقهم.
فعمل بعض تماثيل أولئك، وكانوا يسمّون بهذه الأسماء: ودّ، سواع، يغوث،
يعوق، نسر..

وأنس الناس بهذه التماثيل، وجعلوها رمزاً لأولئك النفر الصلحاء الذين
ماتوا منهم. وكان أهل المدينة يعظّمون هذه الصّور، قصداً إلى تعظيم أولئك
الأموات.

مضى الصيف، وجاء الشتاء، فأدخلوا الصّور في بيوتهم. ومضى زمان.. وزمان..
حتى مات الآباء وكبر الأبناء، فجعلوا يضيفون في احترام هذه التماثيل،
ويخضعون أمامها. وأخذت التماثيل من نفوس أولئك القوم مأخذاً عظيماً. وإذا
بالجيل الثاني، شرعوا يعبدون الصور.. ويقولون إنها آلهةٌ، يجب السجود لها،
والخضوع أمامها. فعبدوها، وضلّ منهم خلق كثي

وحينذاك، بعث الله إلى أولئك القوم نوحاً (عليه السلام) ليرشدهم إلى
الطريق.. وينهاهم عن عبادة الأصنام.. ويهديم إلى عبادة الله تعالى.

فجاء نوح إلى القوم.. (فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره) فكذّبوه، ولم يقبلوا منه، فأنذرهم من عذاب الله تعالى.

قال: (إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيم).

(قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين).

(قال يا قوم ليس بي ضلالةُ ولكني رسول من ربّ العالمين أبلّغكم رسالات
ربّي وانصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون). فتعجّب القوم من مقالة نوح..
وجعلوا يقولون: أنت بشر مثلنا، فكيف تكون رسولاً من عند الله؟ وإن الذين
اتبعوك هم جماعة من الأراذل والسفلة.. ثمّ لا فضل لكم علينا، فلستم أكثر
منّا مالاً أو جاهاً.. وإنا نظنّ إنكم كاذبون في هذه الادعاءات.. وقال بعض
القوم لبعض: (ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضّل عليكم إن هو إلا رجل به
جنّة)

وشجّع بعض القوم بعضاً، في عبادة أصنامهم (وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّا ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً).

ولما طال حوارهم وجدالهم، قال نوح: (أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على
رجل منكم لينذركم)؟ وأخذ نوح (عليه السلام) جانب اللين واللّطف، ولكن
القوم لم يزيدوا إلا عناد

ولكن نوحاً (عليه السلام) لم ييأس منهم، بل كان يأتيهم كل صباح ومساء،
ويدعوهم وينذرهم بلطف ولين.. وكان القوم إذا جاءهم نوح للدعوة (جعلوا
أصابعهم في آذانهم) حتى لا يسمعوا كلامه (واستغشوا ثيابهم) تغطّوا بها حتى
لا يروه. وكثيراً ما هاجموه، وضربوه حتى يغشى عليه! لكنّ نوحاً النبي
العظيم العطوف الحليم، كان إذا أفاق يقول: اللهم اهد قومي فإنّهم لا
يعلمون.

وفي مرات أنهكوه ضرباً وصفعاً، حتى جرت الدماء عن مسامعه الكريمة، وهو مع
ذلك كلّه كان يلطف بهم، ويدعوهم إلى الله تعالى، فكانوا يقولون: لم (يا
نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا)؟

حتى علم أنه لا يفيدهم النصح، فتوجّه إلى الله تعالى، ضارعاً، وبيّن
كيفيّة ردّهم إياه (قال ربّ إنّي دعوت قومي ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعائي
إلا فراراً)، (وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم
واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكباراً).

(ثم إني دعوتهم جهاراً)، (ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً فقلت
استغفروا ربكم إنه كان غفاراً)، (يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم
بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارا

واختلق بعض أولئك الكفّار عذراً تافها.. فقالوا: (أنؤمن لك واتّبعك
الأرذلون)؟ فإن أردت هدايتنا، وإعزازنا لك، فاطرد هؤلاء الأرذلين الذين
آمنوا بك عن حوزتك.. فإنّا لا نستطيع أن نقرن بهؤلاء فكيف نستجيب لدين
يستوي فيه الشريف والوضيع، والكبير والصغير؟

فأجابهم نوح (عليه السلام)، بلهجة كلّها حنان وتذكير: (قال وما علمي بما
كانوا يعملون)؟ (إن حسابهم إلا على ربّي لو تشعرون)، (وما أنا بطارد
المؤمنين)! (وما أنا بطارد الذين آمنوا) وكيف أطرد جماعة آمنوا بي،
وآزروني وساعدوني على نشر الدعوة؟ (ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم
أفلا تذكّرون)؟ (إن أنا إلا نذير مبين) أنذر الناس على حدّ سواء، من غير
فرق بين الشريف والوضيع، والغنيّ والفقير، والكبير والصغير.

ولما انقطع القوم عن الاحتجاج.. ولم يتمكّنوا من رد الأدلة التي ذكرها نوح
(عليه السلام)، أخذوا يهدّدونه، بالرجم بالحجارة (قالوا لئن لم تنته يا
نوح لتكوننّ من المرجومين

وقد علم نوح (عليه السلام) أنهم لا يقبلون منطقاً، ولا يهتدون، فضرع إلى
الله تعالى، في أن ينجّيه من هؤلاء المعاندين (قال ربّ إن قومي كذّبون)،
(فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجّني ومن معي من المؤمنين).

وحيث كان نوح يخوّف قومه من عذاب الله، إن أصرّوا على الكفر.. قال بعضهم،
استهزاءً: إلى متى تهدّدنا بعذاب الله؟ (فائتنا بما تعدنا إن كنت من
الصادقين).

فأجابهم نوح: إن هذا الأمر ليس بيدي.. و(إنما يأتيكم به الله إن شاء).

ثم توجه إليهم في تحسّر، وقال: (لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم..).

وعند ذاك توقّع النّصر من الله تعالى.. وانتظر الوحي ليعلم أنّه ما ينبغي
أن يصنع بهؤلاء القوم؟ فأوحى إليه الله تعالى: (إنّه لن يؤمن من قومك إلا
من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعل

وإذ تمّت الحجة.. وانقطعت الأعذار، وطالت الدعوة ما يقرب من عشرة قرون،
يئس نوح منهم يأساً باتّاً، وأشفق على أولادهم وأحفادهم أن يأخذوا طريقة
الآباء في الكفر والإلحاد. فدعا إلى الله تعالى، قائلاً: (ربّ لا تذر على
الأرض من الكافرين ديّاراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً
كفّاراً).

وحينئذ أمره الله تعالى أن يغرس النخل فإذا أثمر نزل عليهم العذاب. وقد
كان من مقتضى عدل الله تعالى أن لا يعذّب طفلاً صغيراً بذنوب الآباء..
فعقّم أرحام النساء أربعين سنة، فلم يولد لهم مولود ولم يبق لهم طفل غير
مكلّف.

وفي تلك المدّة شرع نوح في غرس النخل، فكان القوم يمرّون به ويسخرون منه،
ويستهزئون به، قائلين: انّه شيخٌ قد أتى عليه تسعمائة سنة، وبعد يغرس
النخل! وكانوا يرمونه بالحجارة..

ولما بلغ النخل، وانقضت خمسون سنة، أمر نوحٌ بقطعه.. فقالوا: إن هذا الشيخ
قد خرف.. وبلغ منه الكبر مبلغه! مرّة يقول: أنا رسول.. ومرّة يغرس النخل..
ومرّة يأمر بقط

ولمّا اكتمل الأمر وصارت المدّة ألف سنة إلا خمسين عاما، أوحى الله إليه
بصنع السفينة (فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا). فأخذ نوح
(عليه السلام) يصنع الفلك، وجبرئيل يعلّمه كيف يصنعها.. وإذ كان من الواجب
صنع سفينة تسع ملايين المخلوقات، أوحى الله إليه: أن يكون طول السفينة
ألفاً ومائتي ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وارتفاعها ثمانين ذراعاً، فيكون
الحجم سبعة ملايين، وستمائة وثمانين ألف ذراع.

لكنّ نوحاً (عليه السلام) سأل الله تعالى أن يعينه على صنع مثل هذه
السفينة الكبيرة، قال: يا ربّ من يعينني على اتخاذها؟ فأوحى الله إليه:
ناد في قومك، من أعانني عليها، ونجر منها شيئاً صار ما ينجره ذهباً وفضة.
فأعانوه في صُنعها. وكان محلّ صنع السفينة صحراء وسيعة (ويصنع الفلك وكلما
مرّ عليه ملا من قومه سخروا منه)!

فكان بعضهم يقول: أيها النبي، لم عدلت عن رسالتك إلى النّجارة؟

وبعضهم كان يقول: يا نوح صرت نجّاراً بعد النبوّة؟!

وبعضهم كان يقول: السفينة تصنع للبحر وأنت تصنعها في البر؟!

وكانوا يتضاحكون! ويتعجبون! ويرمون نوحاً بالجنون والسّفه.

ويجيبهم نوح (عليه السلام) في تأدّب ولين: (إن تسخَروا منّا فإنّا نسخر
منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه ويحلّ عليه عذابٌ
مقيم). واشتغل بالعمل جادّاً، حتى تمّ صنع السفي

ثم أمر الله سبحانه نوحاً أن يحمل في السفينة الذي آمنوا معه.. ومِن كل ذي
روح زوجين اثنين، لئلا ينقرض نسل الحيوان.. وقد كان نوح هيّأ لكلّ صنف من
أصناف الحيوان، موضعاً في السفينة، ثم حمل من جميع الأصناف التي تغرق في
الماء، ولا يتمكّن أن يعيش فيه.

فحمل من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين،
ومن الغزال اثنين، ومن اليحمور اثنين، ومن البغل اثنين، ومن الفرس اثنين،
ومن الأسد اثنين، ومن النمر اثنين، ومن الفيل اثنين، ومن الكلب اثنين، ومن
الدّب اثنين.. وهكذا..

وحمل من الحمام اثنين، ومن العصفور اثنين، ومن الصعوة اثنين، ومن الغراب
اثنين، ومن الكركي اثنين، ومن البلبل اثنين، ومن الببغاء اثنين، ومن
النّسر اثنين ومن الهدهد اثنين، ومن الفاختة اثنين، ومن الطاووس اثنين..
وهكذا..

وحمل من الجعلان اثنين، ومن اليراعة اثنين، ومن اليربوع اثنين، ومن السنور اثنين، ومن الخنافس اثنين.. وهكذا..

وبالجملة فقد صنع في السفينة اكبر حديقة حيوانية شاهدها العلم. وجمع في
السفينة لكل حيوانٍ من طعامه الخاصّ مبلغاً كثيراً. هكذا شاء الله.. ونفّذ
مشيئته نوح (عليه السلام).

وحمل الذين آمنوا به، وكان عددهم ثمانين شخصاً.. (وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها إن ربّي لغفور رحيم

وكان لنوح (عليه السلام) زوجتان، إحداهما مؤمنة، والثانية كافرة.. وكانت
الزوجة الكافرة تؤذي نوحاً، وتقول للناس: إن زوجي مجنون وإذا آمن أحد،
أخبرت الكفّار.

وقد أشار الله تعالى في القرآن إلى هذه الزوجة، حيث يقول: (ضرب الله مثلاً
للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين
فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين).

ولما ركب نوح (عليه السلام) السفينة، اركب معه الزوجة المؤمنة، وترك الكافرة، فغرقت مع سائر الكفار.


ولما ركب نوح والّذين آمنوا معه السفينة، وأركب جميع الحيوانات، كلاً في
موضعه.. كسفت الشمس، وأخذت السماء تمطر مطراً غزيراً، وطفقت عيون الأرض
تنبع بالمياه الكثيرة (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) منصب انصباباً
شديداً لا ينقطع (وفجّرنا الأرض عيوناً) حتى جرت المياه على وجه الأرض
(فالتقى الماء) ماء الأرض وماء السماء، حتى صار العالم كبحر كبير.

واستمرّ هطول الأمطار ونبع العيون أربعين يوماً. وفي تلك الأثناء، كانت
السفينة تجري فوق ظهر الماء حسب هبوب الرياح، وإذا بنوح (عليه السلام)
يشرف من السفينة فيرى ولده، يقع مرّة، ويقوم أخرى، يريد الفرار من الغرق،
فناداه: (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين). لكن الابن العاق أبى
قبول نصيحة والده الشفيق، وأجاب نوحاً (قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء).

فنظر إليه نوح نظر مشفقٍ، وقال: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم).
ولكنّ عناد الولد، وإصراره على الكفر حال بينه وبين قبول نصح أبيه، فلم
يركب السفينة، وكانت السفينة حينذاك (تجري في موج كالجبال).

وبعد برهة من هذه المحاورة (حال بينهما) بين نوح وولده (الموج فكان من
المغرقين). وأخذت نوح (عليه السلام) الرقة على ولده، فتضرّع إلى الله
تعالى في نجاة ابنه الغريق، فإن الله تعالى كان قد وعده بنجاة أهله، فقال
نوح (عليه السلام): (ربّ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحقّ وأنت أحكم
الحاكمين).

ولكنّ الله تعالى، كان قد وعد نجاة أهل نوح الذين كانوا من الصالحين، ولذا أجابه: (يا نوح إنه ليس من أهلك أنه عمل غير صالح).

بعدما غمر الماء جميع الأرض، وهلك كل كافر (قيل يا أرض ابلعي ماءك)! فغاض
الماء الذي نبع من الأرض، وأوحى إلى السماء: (يا سماء اقلعي) وكُفي عن
الانصباب والمطر، فانقطع المطر (واستوت) السفينة (على الجودي) وهو جبل،
أرست السفينة عليه، وأخذت المياه التي بقيت على الأرض من الأمطار، تتسرّب
إلى البحار.

وأوحى إلى نوح (عليه السلام): (يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى
أممٍ ممن معك) فنزل نوح من السفينة، ونزل المؤمنون الذين كانوا معه، وبنوا
مدينةً، وغرسوا الأشجار، وأطلقوا الحيوانات التي كانت معهم.

وابتدأت العمارة في الأرض، وأخذ الناس يتوالدون ويتناسلون، وأوحى الله
تعالى إلى نوح: يا نوح، إنني خلقت خلقي لعبادتي، وأمرتهم بطاعتي، فقد
عصوني، وعبدوا غيري واستوجبوا بذلك غضبي، فغرّقتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: ذو الكفل عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 21:35

ذو الكفل عليه السلام



نبذة:

من الأنبياء الصالحين، وكان يصلي كل يوم مائة صلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل فسمي بذي الكفل.



المسيرة

سيرته:

قال
أهل التاريخ ذو الكفل هو ابن أيوب عليه السلام وأسمه في الأصل (بشر) وقد
بعثه الله بعد أيوب وسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوقي بها، وكان
مقامه في الشام وأهل دمشق يتناقلون أن له قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق
يسمى قاسيون. إلا أن بعض العلماء يرون أنه ليس بنبي وإنما هو رجل من
الصالحين من بني إسرائيل. وقد رجح ابن كثير نبوته لأن الله تعالى قرنه مع
الأنبياء فقال عز وجل:


وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85)
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (85)
(الأنبياء)


قال
ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع
هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هو
المشهور.


والقرآن
الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوته ورسالته والقوم
الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيل لذلك
نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلا
الشيء اليسير. ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو
غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن
ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد
الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن
هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملتني عليه الحاجة ..قال : فتفعلين هذا ولم
تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبي بالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي
الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : قد غفر الله
للكفل). رواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفا على ابن عمر وفي إسناده
نظر. فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديث الكفل من غير
إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن.


ويذكر
بعض المؤرخين أن ذا الكفل تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم
بالعدل فسمي ذا الكفل وذكروا بعض القصص في ذلك ولكنها قصص تحتاج إلى تثبت
وإلى تمحيص وتدقيق.


الرجل الصالح:

أما
من يقول أن ذو الكفل لم يكن نبيا وإنما كان رجلا صالحا من بني إسرائيل
فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسع عليه السلام. وقد روي أنه لما كبر
اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر
كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار،
ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم
النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ
الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه
السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكت الناس وقام ذلك الرجل
فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل.


فجعل
إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعوني وإياه فأتاه
في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل
والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ
كبير مظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب. فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه
وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد
مجلس ذو الكفل بين الناس، وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس
فإنني آخذ لك بحقّك.


فخرج
الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضر للمجلس. وانفض
المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخ لم
يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق
الباب، فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم أقل
لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا
لي نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت
مجلسي فأتني.


ففاتته
القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال لبعض
أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النوم.
فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري،
فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام الشيخ وتسوّر
الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله:
ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين
دخل. فقام ذو الكفل إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في
البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل
ما ترى لأغضبك.


فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: سيدنا أيوب عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأربعاء 2 ديسمبر - 21:39

أيوب عليه السلام


نبذة:

من
سلالة سيدنا إبراهيم كان من النبيين الموحى إليهم، كان أيوب ذا مال وأولاد
كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع
البلاء واستمر مرضه 13 أو 18 عاما اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت
وعملت لكي توفر قوت يومهما حتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي
فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه، روي أن الله يحتج يوم
القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء.




المسيرة

سيرته:

ضربت
الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه
بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام.. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده
أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ
إِنَّهُ أَوَّابٌ) والأوبة هي العودة إلى الله تعالى.. وقد كان أيوب دائم
العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر. وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله
عليه. والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده.. وقد نسجت الأساطير عديدا من
الحكايات حول مرضه..


مرض أيوب

كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات. ونذكر هنا أشهرها:

أن
أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير، ففقد ماله وولده، وابتلي في جسده،
فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته ورجلين من
إخوانه. وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام. ثم إن الناس
توقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه،
أو تعديهم بمخالطته. فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف
إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟
وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً، فلما كان الغد لم تجد أحداً، فباعت
الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبره من
أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقاً، قال
في دعائه: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين). وحلف أن يضربها مئة سوط
إذا شفى.


وقيل
أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا
رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب
وحلف أن يضربها مئة ضربة.


أما
ما كان من أمر صاحبي أيوب، فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما
للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء, فذكره الآخر
لأيوب, فحزن ودعا الله. ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت
عليه, فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل
منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال: إني أنا
هو, وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير, فبعث الله له سحابة
فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض.


وفي
الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال: "بينما ‏‏أيوب يغتسل عريانا
خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا ‏‏ أيوب ‏ ‏ألم
أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك" (رجل جراد ‏أي
جماعة جراد).


فلما
عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضربها ضربة
واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه. ثم جزى الله -عز
وجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله (فقيل: أحيى الله أبناءه.
وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في
الدار الآخرة) وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت له
ستة وعشرين ولدا ذكرا.


هذه
أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره.. ولم يذكر فيها أي شيء عن تساقط لحمه،
وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب. فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو
مشوها كما تقول أساطير القدماء.. نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة..


ويجدر
التنبيه بأن دعاء أيوب ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ
وَعَذَابٍ). قد يكون القصد منه شكوى أيوب -عليه السلام- لربه جرأة الشيطان
عليه وتصوره أنه يستطيع أن يغويه. ولا يعتقد أيوب أن ما به من مرض قد جاء
بسبب الشيطان. هذا هو الفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم.


وروى
الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي
عشر سنين , والله أعلم. وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده
بشر بن أيوب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالسبت 5 ديسمبر - 17:43

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالسبت 5 ديسمبر - 17:45

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: سيدنا يحيى عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالإثنين 7 ديسمبر - 19:46

نبذة:


ابننبي الله
زكريا، ولد استجابة لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية
الصالحة
فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا، وقد
كان
يحيى نبيا وحصورا ومن الصالحين ، كما كان بارا تقيا ورعا
منذصباه.





سيرته:


ذكر
خبر ولادة يحيى عليه السلام في قصة نبي
اللهزكريا.
وقد شهد الحق عز وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولامثيلا، وهو
النبي الذي قال الحق عنه: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا
)..


ومثلما
أوتي
الخضرعلما من لدن الله، أوتي يحيي حنانا من لدن الله، والعلم مفهوم،والحنان هو
العلم الشمولي الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات
ورحمة
بها، كأن الحنان درجة من درجات الحب الذي ينبع من
العلم.


ولقد
كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له
في
النسك والزهد والحب الإلهي.. هو النبي الناسك. كان يضيء حبا
لكل
الكائنات، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري
والجبال،
ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم، بشأن
أمر
يتصل براقصة بغي
.


فضل
يحيى عليه
السلام:


يذكر
العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة
كثيرة.
كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة
أمه)..


وتروي
السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما
.


فقال
عيسى ليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت
خير
مني
.


قال
يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت خير
مني.


قال
عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي
وسلم
الله عليك
.


تشير
القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه
يوم
ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا
.


ويقال
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج
على
أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء
.


قال
قائل: موسى كليم الله
.


وقال
قائل: عيسى روح الله وكلمته
.


وقال
قائل: إبراهيم خليل الله
.


ومضى
الصحابة يتحدثون عن الأنبياء، فتدخل
الرسول
عليه الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين
الشهيد
ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين
يحيي
بن
زكريا؟


نشأته:


ولد
يحيي عليه السلام.. كان ميلاده معجزة
..فقد
جاء لأبيه
زكريابعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقيةتحرك بها
قلب النبي
زكريا.


ولد
يحيي عليه السلام فجاءت طفولته غريبة عن
دنيا
الأطفال.. كان معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان
جادا
طوال الوقت.. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات،
وكان
يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها، وحنانا
عليها،
ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو
ثمارها.


وكلما
كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه
وامتلأ
قلبه بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب
القراءة،
وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا نادته
رحمة
ربه
: (يَا
يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ
الْحُكْمَ
صَبِيًّا
).


صدر
الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب
بقوة،
بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله
الإقبال
على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي.. كان
أعلم
الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة،
ولهذا
السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس،
ويبين
لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق
الخطأ.


وكبر
يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد
حنانه
بوالديه، والناس، والمخلوقات، والطيور، والأشجار.. حتى
عم
حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة
من الذنوب،
وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي
أو
يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه
وفضله..
ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك
.


وكان
يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى
الله
أبكاهم من الحب والخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات
وكونها
قريبة العهد من الله وعلى عهد الله
..


وجاء
صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ
المسجد
بالناس، ووقف يحيي بن
زكرياوبدأ يتحدث.. قال: إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها،وآمركم أن
تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن
أشرك
بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي
ثمن عمله
لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبده كذلك..؟
وآمركم
بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي، ما لم يلتفت
عن
صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك
كمثل رجل
معه صرة من مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل
فاحت
منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا،
فان
مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه
عليه..
وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا
الحصن.


مواجهةالملك:


كان
أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي
القلب
يستبد برأيه، وكان الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان يسمع
أنباء
متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر،
وهو
ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد
.


وكان
الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث
أعجبه
جمالها، وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك
. وكانوا
يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد الملك أن يأخذ الإذن
من
يحيى عليه السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال
ليستثني
الملك
.


لم
يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام،
فلقد
كانت بغيّ فاجرة. لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس
تحريم
زواج البنت من عمّها. حتى يعلم الناس –إن فعلها الملك
- أن
هذا انحراف. فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع عن
الزواج.


لكن
الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك. وفي
إحدى
الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك
لنفسهن
فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني. قال: كيف أتزوجك وقد نهانا
يحيى.
قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء شديدا فأمر
في
حينه بإحضار رأس يحيى له
.


فذهب
الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في
المحراب.
وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى
هذه
البغيّ وتزوجها
بالحرام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: سيدنا عيسى عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالإثنين 7 ديسمبر - 20:06

نبذة:


مثل عيسى
مثل آدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون، هو عيسى بن
مريم
رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي
محمد،
آتاه الله البينات وأيده بروح القدس وكان وجيها في
الدنيا
والآخرة ومن المقربين، كلم الناس في المهد وكهلا وكان
يخلق
من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا، ويبرئ
الأكمه
والأبرص ويخرج الموتى كل بإذن الله، دعا المسيح قومه
لعبادة
الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه، ولم
يؤمن
به سوى بسطاء قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما
يشاء
الله إلى الأرض ليكون شهيدا على الناس
.


سيرته:


الحديث عن نبي الله عيسى عليه
السلام، يستدعي
الحديث
عن أمه مريم، بل وعن ذرية آل عمران هذه الذرية التي
اصطفاها
الله تعالى واختارها، كما اختار آدم ونوحا وآل إبراهيم
على
العالمين
.


آل عمران أسرة كريمة مكونة من
عمران والد
مريم،
وامرأة عمران أم مريم، ومريم، وعيسى عليه السلام؛ فعمران
جد
عيسى لأمه، وامرأة عمران جدته لأمه، وكان عمران صاحب صلاة
بني
إسرائيل في زمانه، وكانت زوجته امرأة عمران امرأة صالحة
كذلك،
وكانت لا تلد، فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا، ونذرت أن
تجعله
مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس، فاستجاب الله دعاءها،
ولكن
شاء الله أن تلد أنثى هي مريم، وجعل الله تعالى كفالتها
ورعايتها
إلى
زكريا
عليه السلام، وهو زوج خالتها، وإنما قدر الله ذلك لتقتبس منه
علما
نافعا، وعملا صالحا
.


كانت مريم مثالا للعبادة والتقوى،
وأسبغ الله
تعالى
عليها فضله ونعمه مما لفت أنظار الآخرين، فكان
زكريا
عليه السلام كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا، فيسألها
من أين
لك هذا، فتجيب
: (قَالَتْ
هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ
اللّهَ
يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ
).


كل ذلك إنما كان تمهيدا للمعجزة
العظمى؛ حيث
ولد
عيسى عليه السلام من هذه المرأة الطاهرة النقية، دون أن
يكون
له أب كسائر الخلق، واستمع إلى بداية القصة كما أوردها
القرآن
الكريم، قال تعالى
:


وَإِذْ قَالَتِ
الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ
اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى
نِسَاء
الْعَالَمِينَ (42) (آل عمران)


بهذه الكلمات البسيطة فهمت مريم أن الله
يختارها، ويطهرها ويختارها ويجعلها على رأس نساء
الوجود.. هذا
الوجود، والوجود الذي لم يخلق بعد.. هي أعظم فتاة
في الدنيا وبعد
قيامة الأموات وخلق الآخرة.. وعادت الملائكة
تتحدث:


يَا مَرْيَمُ
اقْنُتِي لِرَبِّكِ
وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ(43) (آلعمران)


ولادة عيسىعليه
السلام
:


كان الأمر الصادر بعد البشارةأن تزيد من
خشوعها، وسجودها وركوعها لله.. وملأ قلب مريم إحساس
مفاجئ بأن شيئا
عظيما يوشك أن يقع.. ويروي الله تعالى في
القرآن الكريم
قصة ولادة عيسى عليه السلام
فيقول:


وَاذكُر
فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت
مِن
أَهلِهَا مَكَاناً شَرقِياً
(16) فَاتخَذَت
مِن
دُونِهِم
حِجَاباً فَأَرسَلنَا إِلَيهَا رُوحَنَا فَتَمَثلَ
لَهَا
بَشَراً سَوِياً
(17) قَالَت
إِني أَعُوذُ
بِالرحمَـنِ
مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً
(18) قَالَ
إِنمَا أَنَا
رَسُولُ
رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً
(19) قَالَت
أنى يَكُونُ
لِى
غُلامٌ وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِياً

(20)
قَالَ كَذلِكَ قَالَرَبكَ
هُوَ عَلَى هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ وَرَحمَةً
منا
وَكَانَ أَمراً مقضِياً
(21) (مريم)


جاء جبريلعليه السلام- لمريم وهي في المحراب على صورة بشر في غاية الجمال.
فخافت مريم وقالت
:
(
إِنِّيأَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن
كُنتَ تَقِيًّا
) أرادت أن تحتمي
في
الله.. وسألته
هل هو إنسان طيب يعرف الله ويتقيه
.


فجاء جوابه ليطمئنها بأنه يخاف الله ويتقيه: (قَالَ إِنَّمَا
أَنَا
رَسُولُ
رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا
)


اطمئنت مريم للغريب، لكن سرعان ما تذكّرت ما
قاله
(لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا
زَكِيًّا
) استغربت مريم
العذراء من ذلك.. فلم يمسسها بشر من قبل.. ولم
تتزوج، ولم
يخطبها أحد، كيف تنجب بغير زواج!! فقالت لرسول
ربّها: (أَنَّى يَكُونُ
لِي
غُلَامٌ وَلَمْ
يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ
بَغِيًّا)


قال الروح الأمين: (كَذَلِكِ قَالَرَبُّكِ هُوَ
عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ
وَرَحْمَةً
مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا
)


استقبل عقل مريم كلمات الروح الأمين.. ألم
يقل لها إن هذا هو أمر الله ..؟ وكل شيء ينفذ إذا
أمر الله.. ثم
أي غرابة في أن تلد بغير أن يمسسها بشر..؟ لقد
خلق الله
سبحانه وتعالى آدم من غير أب أو أم، لم يكن هناك ذكر
وأنثى قبل خلق
آدم. وخلقت حواء من آدم فهي قد خلقت من ذكر بغير
أنثى.. ويخلق ابنها
من غير أب.. يخلق من أنثى بغير ذكر
..
والعادة أن يخلق الإنسان من ذكر وأنثى.. العادة أن يكون له أبوأم.. لكن
المعجزة تقع عندما يريد الله تعالى أن تقع.. عاد
جبريل عليه
السلام يتحدث
:
(
إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ
عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ
وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ
الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ
النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ
الصَّالِحِينَ)


زادت دهشة مريم.. قبل أن تحمله في بطنها تعرف
اسمه.. وتعرف أنه سيكون وجيها عند الله وعند
الناس، وتعرف
أنه سيكلم الناس وهو طفل وهو كبير.. وقبل أن
يتحرك فم مريم
بسؤال آخر.. نفخ جبريل عليه السلام في جيب مريم
الجيب هو شق
الثوب الذي
يكون في الصدر- فحملت فورا.


ومرت الأيام.. كان حملها يختلفعن حمل
النساء.. لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا أحست أن شيئا زاد
عليها ولا
ارتفع بطنها كعادة النساء.. كان حملها به نعمة طيبة
. وجاء الشهر التاسع.. وفي العلماء من يقول إن الفاء
تفيد
التعقيب
السريع.. بمعنى أن مريم لم تحمل بعيسى تسعة أشهر،
وإنما ولدته
مباشرة كمعجزة
..


خرجت مريم ذات يوم إلى مكان بعيد.. إنها
تحس أن شيئا سيقع اليوم.. لكنها لا تعرف حقيقة هذا
الشيء.. قادتها
قدماها إلى مكان يمتلئ بالشجر.. والنخل، مكان
لا يقصده أحد
لبعده.. مكان لا يعرفه غيرها.. لم يكن الناس
يعرفون أن مريم
حامل.. وإنها ستلد.. كان المحراب مغلقا عليها،
والناس يعرفون
أنها تتعبد فلا يقترب منها أحد
..


جلست مريم تستريح تحت جذع نخلة ؛لم تكن نخلة
كاملة، إنما جذع فقط، لتظهر معجزات الله سبحانه
وتعالى لمريم
عند ولادة عيسى فيطمئن قلبها.. وراحت تفكر في
نفسها.. كانت
تشعر بألم.. وراح الألم يتزايد ويجيء في مراحل
متقاربة..
وبدأت مريم تلد
..


فَأَجَاءهَا
الْمَخَاضُ إِلَى
جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ
قَبْلَ هَذَا
وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) (مريم)


إن ألم الميلاد يحمل لنفس العذراء
الطاهرة آلاما أخرى تتوقعها ولم تقع بعد.. كيف يستقبل
ا لناس طفلها
هذا..؟ وماذا يقولون عنها..؟ إنهم يعرفون أنها
عذراء.. فكيف
تلد العذراء..؟ هل يصدق الناس أنها ولدته بغير أن
يمسسها بشر..؟
وتصورت نظرات الشك.. وكلمات الفضول.. وتعليقات
الناس.. وامتلأ
قلبها بالحزن
..


وولدت في نفس اللحظة من قدرعليه أن يحمل
في قلبه أحزان البشرية.. لم تكد مريم تنتهي من
تمنيها الموت
والنسيان، حتى نادها الطفل الذي
ولد:


فَنَادَاهَا مِن
تَحْتِهَا
أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ
سَرِيًّا
(24) وَهُزِّي
إِلَيْكِ
بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا
جَنِيًّا
(25) فَكُلِيوَاشْرَبِي
وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ
الْبَشَرِ
أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ
صَوْمًا فَلَنْ
أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا

(26) (
مريم)


نظرت مريم إلى المسيح.. سمعته يطلب منها أن
تكف عن حزنها.. ويطلب منها أن تهز جذع النخلة
لتسقط عليها
بعض ثمارها الشهية.. فلتأكل، ولتشرب، ولتمتلئ
بالسلام والفرح
ولا تفكر في شيء.. فإذا رأت من البشر أحدا
فلتقل لهم أنها
نذرت للرحمن صوما فلن تكلم اليوم إنسانا
.. ولتدع له الباقي..


لم تكد تلمس جذعها حتى تساقطعليها رطب
شهي.. فأكلت وشربت ولفت الطفل في ملابسها.. كان
تفكير مريم
العذراء كله يدور حول مركز واحد.. هو عيسى، وهي
تتساءل بينها
وبين نفسها: كيف يستقبله اليهود..؟ ماذا يقولون
فيه..؟ هل يصدق
أحد من كهنة اليهود الذين يعيشون على الغش
والخديعة
والسرقة..؟ هل يصدق أحدهم وهو بعيد عن الله أن الله
هو الذي رزقها
هذا الطفل؟ إن موعد خلوتها ينتهي، ولا بد أن
تعود إلى
قومها.. فماذا يقولون الناس؟



مواجهة القوم:


كان الوقت عصرا حين عادت مريم.. وكان السوق
الكبير الذي يقع في طريقها إلى المسجد يمتلئ بالناس
الذي فرغوا من
البيع والشراء وجلسوا يثرثرون. لم تكد مريم
تتوسط السوق
حتى لاحظ الناس
أنها تحمل طفلا، وتضمه لصدرهاوتمشي به في
جلال وبطئ
..


تسائل أحد الفضوليين: أليست هذه مريم
العذراء..؟ طفل من هذا الذي تحمله على
صدرها..؟


قال أحدهم: هو طفلها.. ترى أيقصة ستخرج بها
علينا..؟



وجاء كهنة اليهود يسألونها.. ابن من هذا يا مريم؟ لماذا لا تردين؟ هو ابنك قطعا..
كيف جاءك
ولد وأنت عذراء؟


يَا أُخْتَ
هَارُونَ مَا كَانَ
أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ
بَغِيًّا
(28) (مريم)


الكلمة ترمي مريم بالبغاء.. هكذا مباشرة دون استماع أو تحقيق أو تثبت.. ترميها
بالبغاء
وتعيرها بأنها من بيت طيب وليست أمها بغيا.. فكيف
صارت هي
كذلك؟ راحت الاتهامات تسقط عليها وهي مرفوعة الرأس..
تومض
عيناها بالكبرياء
والأمومة.. ويشع من وجهها نور يفيض بالثقة
.. فلما زادت الأسئلة، وضاق الحال، وانحصر المجال،
وامتنع المقال،
اشتد توكلها على ذي الجلال وأشارت إليه..


أشارت بيدها لعيسى.. واندهش الناس.. فهموا
أنها صائمة عن الكلام وترجو منهم أن يسألوه هو
كيف جاء..
تساءل الكهنة ورؤساء اليهود كيف يوجهون السؤال لطفل
ولد منذ أيام..
هل يتكلم طفل في لفافته..؟
!


قالوا لمريم: (كَيْفَنُكَلِّمُ
مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ
صَبِيًّا).


قال عيسى:


قَالَ إِنِّي
عَبْدُ اللَّهِ
آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا
أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ
وَالزَّكَاةِ
مَا دُمْتُ حَيًّا

(31)
وَبَرًّابِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ
عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ
وَيَوْمَ
أُبْعَثُ حَيًّا
(33) (مريم)


لم يكد عيسى ينتهي من كلامه حتى كانت وجوه
الكهنة والأحبار ممتقعة وشاحبة.. كانوا يشهدون معجزة
تقع أمامهم
مباشرة.. هذا طفل يتكلم في مهده.. طفل جاء بغير
أب.. طفل يقول
أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا.. هذا يعني
إن سلطتهم في
طريقها إلى الانهيار.. سيصبح كل واحد فيهم بلا
قيمة عندما
يكبر هذا الطفل.. لن يستطيع أن يبيع الغفران للناس،
أو يحكمهم عن
طريق ادعائه أنه ظل السماء على الأرض، أو
باعتباره
الوحيد العارف في الشريعة.. شعر كهنة اليهود بالمأساة
ا لشخصية التي
جاءتهم بميلاد هذا الطفل.. إن مجرد مجيء المسيح
يعني إعادة
الناس إلى عبادة الله وحده.. وهذا معناه إعدام
الديانة
اليهودية الحالية.. فالفرق بين تعاليم
سيدنا موسى وتصرفات
اليهود كان يشبه الفرق بين نجوم السماء ووحل الطرقات
.. وتكتم رهبان اليهود قصة ميلاد عيسى وكلامه في
المهد.. واتهموا
مريم العذراء ببهتان عظيم.. اتهموها بالبغاء.. رغم
أنهم عاينوا
بأنفسهم معجزة كلام ابنها في المهد.


وتخبرنا بعض الروايات أن مريم هاجرت بعيسى
إلى مصر، بينما تخبرنا روايات أخرى بأن هجرتها
كانت من بيت
لحم لبيت المقدس. إلا أن المعروف لدينا هو أن هذه
الهجرة كانت
قبل بعثته
.


معجزاته:


كبر عيسى.. ونزل
عليه الوحي، وأعطاه الله
الإنجيل.
وكان عمره آنذاك -كما يرى الكثير من العلماء- ثلاثون
سنة.
وأظهر الله على يديه المعجزات. يقول المولى عزّ وجل في
كتابه عن
معجزات عيسى عليه السلام
:


وَيُعَلمُهُ
الكِتَابَ
وَالحِكمَةَ
وَالتورَاةَ وَالإِنجِيلَ
(48) وَرَسُولاً
إِلَى بَنِي إِسرائيلَ أني قَد
جِئتُكُم
بِآيَةٍ من ربكُم أَنِي أَخلُقُ لَكُم منَ الطينِ
كَهَيئَةِ
الطيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ
اللهِ
وَأُبرِىْ الأكمَهَ والأبرَصَ وَأُحي المَوتَى بِإِذنِ
اللهِ
وَأُنَبئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدخِرُونَ فِى
بُيُوتِكُم
إِن فِي ذلِكَ لآيَةً لكُم إِن كُنتُم مؤمِنِينَ

(49)
وَمُصَدقًا لمَا بَينَ يَدَيمِنَ
التورَاةِ وَلأحِل لَكُم بَعضَ الذِي حُرمَ عَلَيكُم
وَجِئتُكُم
بِآيَةٍ من ربكُم فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ

(50)
إِن اللهَ رَبي وَرَبكُم فَاعبُدُوهُ
هَـذَا صِراطٌ مستَقِيمٌ
(51) (آلعمران)


فكان عيسى –عليه السلام- رسولا
لبني إسرائيل
فقط.
ومعجزاته هي
:


·
علّمه
الله التوراة
.


·
يصنع من
الطين شكل الطير ثم ينفخ فيه فيصب ح
طيرا
حيّا يطير أمام أعينهم
.


·
يعالج
الأكمه (وهو من ولد أعمى)، فيمسح على
عينيه
أمامهم فيبصر
.


· يعالج الأبرص (وهو المرض الذي يصيب الجلدفيجعل
لونه أبيضا)، فيسمح على جسمه فيعود سليما
.


·
يخبرهم
بما يخبئون في بيوتهم، وما أعدّت
لهم
زوجاتهم من طعام
.


·
وكان
–عليه السلام- يحيي الموتى
.


إيمان الحواريون:


جاء عيسى ليخفف عن بني إسرائيل
بإباحة بعض
الأمور
التي حرمتها التوراة عليهم عقابا لهم. إلا أن بني
إسرائيل
–مع كل هذه الآيات- كفروا. قال تعالى
:


فَلَمَّا
أَحَسَّ عِيسَى
مِنْهُمُ
الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ
الْحَوَارِيُّونَ
نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ
وَاشْهَدْ
بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
(52) رَبَّنَا
آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ
وَاتَّبَعْنَا
الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ

(53) (
آل عمران)


وقال تعالى:


يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ
اللَّهِ
كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ
مَنْ
أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ
أَنصَارُ
اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي
إِسْرَائِيلَ
وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ
آَمَنُوا
عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ

(14) (
الصف)


قيل أن عدد الحواريين كان سبعة
عشر رجلا، لكن
الروايات
الأرجح أنهم كانوا اثني عشر رجلا. آمن الحواريون، لكن
التردد
لا يزال موجودا في نفوسهم. قال الله تعالى قصة هذا
التردد:


إِذْ
قَالَ
الْحَوَارِيُّونَ
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ
رَبُّكَ
أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء
قَالَ
اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

(112)
قَالُواْ نُرِيدُ أَننَّأْكُلَ
مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن
قَدْ
صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ

(113)
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ
رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ
السَّمَاء
تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا
وَآيَةً
مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

(114)
قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا
عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ
فَإِنِّي
أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ
الْعَالَمِينَ (115) (المائدة)


استجاب الله عز وجل، لكنه حذّرهم
من الكفر
بعد
هذه الآية التي جاءت تلبية لطلبهم. نزلت المائدة، وأكل
الحواريون
منها، وظلوا على إيمانهم وتصديقهم لعيسى –عليه
السلام-
إلا رجل واحد كفر بعد رفع عيسى عليه السلام
.


رفع عيسى عليه السلام:


لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات
عيسى عليه
السلام،
خاف رهبان اليهود أن يتبع الناس الدين الجديد فيضيع
سلطانهم.
فذهبوا لمَلك تلك المناطق وكان تابعا للروم. وقالوا
له
أن عيسى يزعم أنه مَلك اليهود، وسيأخذ المُلك منك. فخاف
المَلك
وأمر بالبحث عن عيسى –عليه السلام- ليقتله
.


جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع
عيسى –عليه
السلام-
إلى السماء، معظمها من الإسرائيليات أو نقلا عن
الإنجيل.
وسنشير إلى أرجح رواية هنا
.


عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم
يريدون
قتله،
خرج على أصحابه وسألهم من منهم مستعد أن يلقي الله عليه
شبهه
فيصلب بدلا منه ويكون معه في الجنة. فقام شاب، فحنّ عليه
عيسى
عليه السلام لأنه لا يزال شابا. فسألهم مرة ثانية، فقام
نفس
الشاب. فنزل عليه شبه عيسى عليه السلام، ورفع الله عيسى
أمام
أعين الحواريين إلى السماء. وجاء اليهود وأخذوا الشبه
وقتلوه
ثم صلبوه. ثم أمسك اليهود الحواريين فكفر واحد منهم. ثم
أطلقوهم
خشية أن يغضب الناس. فظل الحواريون يدعون بالسر. وظل
النصارى
على التوحيد أكثر من مئتين سنة. ثم آمن أحد ملوك الروم
واسمه
قسطنطين، وأدخل الشركيات في دين النصارى
.


يقول ابن عباس: افترق النصارى
ثلاث فرق
. فقالت
طائفة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء. وقالت
طائفة:
كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه. وقلت
طائفة:
كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله إليه
. فتظاهرت
الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا
حتى
بعث الله
محمد
صلى الله عليه وسلم- فذلك قول الله تعالى
:
(
فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ
آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا
ظَاهِرِينَ).


وقال تعالى عن رفعه:


وَقَولِهِم
إِنا قَتَلنَا
المَسِيحَ
عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ
وَمَا
صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبهَ لَهُم وَإِن الذِينَ
اختَلَفُوا
فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ
إِلا
اتبَاعَ الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً

(157)
بَل رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً
حَكِيماً
(158) وَإِن من أَهلِ
الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن بِهِ قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ
القِيَامَةِ
يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً
(159) (النساء)


لا يزال عيسى –عليه السلام- حيا.
ويدل على
ذلك
أحاديث صحيحة كثيرة. والحديث الجامع لها في مسند الإمام
أحمد:


حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا
يحيى، عن
ابن
أبي عروبة قال: ثنا قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي
هريرة،:
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنبياء إخوة
لعلات،
دينهم واحد وأمهاتهم شتى، وأنا أولى الناس بعيسى ابن
مريم
لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وأنه نازل فإذا رأيتموه
فاعرفوه،
فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، سبط كأن رأسه
يقطر
وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين، فيكسر الصليب ويقتل
الخنزير،
ويضع الجزية، و يعطل الملل حتى يهلك الله في زمانه
الملل
كلها غير الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال
الكذاب،
وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً،
والنمور
مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا
يضر
بعضهم بعضاً، فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يتوفى، فيصلي
عليه
المسلمون و يدفنونه
.)


(مربوع) ليس بالطويل
وليس بالقصير،
(إلى
الحمرة
والبياض) وجهه أبيض فيه احمرار، (سبط) شعره
ناعم،
(ممصرتين) عصاتين أو منارتين وفي الحديث الآخر
ينزل عند المنارة البيضاء من مسجد دمشق
.


وفي الحديث الصحيح الآخر يحدد لنا
رسولنا
الكريم
مدة مكوثه في الأرض فيقول
: (فيمكثأربعين
سنة ثم يتوفى، و يصلي عليه المسلمون
).


لا بد أن يذوق الإنسان الموت.
عيسى لم يمت
وإنما
رفع إلى السماء، لذلك سيذوق الموت في نهاية الزمان
.


ويخبرنا المولى عز وجل بحوار لم
يقع بعد، هو
حواره
مع عيسى عليه السلام يوم القيامة فيقول
:


وَإِذ
قَالَ اللهُ يا
عِيسَى
ابنَ مَريَمَ أَءنتَ قُلتَ لِلناسِ اتخِذُونِي وَأُميَ
إِلَـهَينِ
مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي
أَن
أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَق إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد
عَلِمتَهُ
تَعلَمُ مَا فِى نَفسِي وَلاَ أَعلَمُ مَا فِى
نَفسِكَ
إِنكَ أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ
(116) مَا
قُلتُ لَهُم إِلا مَا أَمَرتَنِي بِهِ أَنِ
اعبُدُوا
اللهَ رَبي وَرَبكُم وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً ما
دُمتُ
فِيهِم فَلَما تَوَفيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرقِيبَ
عَلَيهِم
وَأَنتَ عَلَى كُل شَىء شَهِيدٌ
(117) إِن
تُعَذبهُم فَإِنهُم عِبَادُكَ وَإِن تَغفِر
لَهُم
فَإِنكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
(118) (المائدة)


هذا هو عيسى بن مريم عليه السلام،
آخر الرسل
قبل
سيدنا
محمد
صلى الله عليه
وسلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة قصص الأنبيآء .~   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالخميس 10 ديسمبر - 19:46

ذو الكفل عليه السلام


نبذة
:

هو خليل الله، اصطفاه الله
برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان
إبراهيم
يعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها
أعظم حتى
هداه الله واصطفاه برسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته
ولكنهم
كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه
الله
من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل
وإسحاق،
قام إبراهيم ببناء الكعبة مع
إسماعيل.





سيرته:


منزلة
إبراهيم
عليه السلام:


هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار
الذين اخذ الله منهم
ميثاقا
غليظا، وهم
: نوح وإبراهيم
و
موسى وعيسى ومحمد.. بترتيب بعثهم. وهوالنبي
الذي ابتلاه الله ببلاء مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم
حدة
الشدة، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى. وزاد على الوفاء
بالإحسان.


وقد كرم الله تبارك وتعالى
إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي
التوحيد
الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه
.


وكان من فضل الله علىإبراهيم
أن جعله الله إماما للناس. وجعل في ذريته النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من
بعد
إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده. حتى إذا جاء آخر
الأنبياءمحمد صلى
الله عليه وسلم، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا
الله
فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم
.


ولو مضينا نبحث في فضلإبراهيم
وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة. نحن أمام بشر جاء ربه بقلب
سليم. إنسان
لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو
أول من
سمانا المسلمين. نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا
بعده. نبي
هادئ متسامح حليم أواه منيب
.


يذكر لنا ربنا ذو الجلالوالإكرام
أمرا آخر أفضل من كل ما سبق. فيقول الله عز وجل في محكم آياته
: (وَاتَّخَذَ
اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً
)
لم يرد في كتاب الله ذكرلنبي،
اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني
الآية: واتخذ الله
إبراهيم
حبيبا. فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام. إن منتهى أمل
السالكين، وغاية
هدف
المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل. أما أن يحلم أحدهم أن يحبه
الله، أن
يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق
التصور. كان
إبراهيم هو هذا العبد
الرباني
الذي استحق أن يتخذه الله خليلا
.


حال
المشركين قبل بعثة إبراهيم
:


لا يتحدث القرآن عن
ميلاده
أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة، ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه،
فتدب
الحياة في عصره، وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات
:


·
فئة تعبد
الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية
.


·
وفئة
تعبد الكواكب والنجوم والشمس
والقمر.


·
وفئة
تعبد الملوك
والحكام.


نشأة
إبراهيم عليه
السلام:


وفي هذا الجو ولد
إبراهيم.
ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد. لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من
عبدة
الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الآلهة
. وقيل أن أباه مات قبلولادته
فرباه عمه، وكان له بمثابة الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن
أباه لم
يمت وكان آزر هو والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته
.. ومهما يكن من أمر فقد ولد إبراهيم
في هذه الأسرة
.


رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل
الآلهة. ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانا
ممتازا
في المجتمع. هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة الحاكمة
.


من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل
قدر له أن يقف ضد أسرته وضد نظام
مجتمعه
وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم
والكواكب
وضد كل أنواع الشرك باختصار
.


مرت الأيام.. وكبرإبراهيم..
كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها
والده. لم
يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك
لما صنع
بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا
تستطيع
أن تعتدل لو قلبها أحد على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر
وتنفع؟!


مواجهة
عبدة الكواكب
والنجوم:


قرر
إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة
النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد
الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب
ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا
أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة
الكواكب.
وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك
. غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه
مفاجأة مذهلة في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق
بديانته
بالأمس. وإبراهيم لا يحب الآفلين
.
فعاد إبراهيمفي الليلة الثانية يعلن لقومه أن
القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء
ليدركوا
أنه يسخر منهم برفق ولطف وحب. كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق
. لم يفهم قومه هذا في المرة الأولى
فكرره مع القمر. لكن القمر كالزهرة كأي كوكب آخر
..
يظهر ويختفي.
فقال إبراهيم عدما أفل القمر (لَئِنلَّمْ
يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ
) نلاحظ
هنا أنه
عندما يحدث قومه عن
رفضه لألوهية القمر
.. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء
ولطف. كيف يعبد الناس ربا
يختفي
ويأفل
. (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي)يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم. ويعاود
إبراهيم
محاولته
في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه.. عبدة الكواكب والنجوم
. فيعلن أن
الشمس ربه، لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس،
حتى أعلن
براءته من عبادة النجوم والكواكب. فكلها مغلوقات تأفل. وأنهى
جولته الأولى
بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا.. ليس مشركا مثلهم
.


استطاعت حجة إبراهيم أنتظهر
الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم
وتخويفهم
له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال
:


أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ
وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ
بِهِ
إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ
تَتَذَكَّرُونَ(80)
وَكَيْفَأَخَافُ
مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا
لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ
بِالأَمْنِ
إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(81) (الأنعام)


لا نعرف رهبة الهجوم
عليه. ولا
حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن
هذا كله
إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم
المنطقي
العاقل. كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟



بعد أن بين إبراهيم عليه
السلام
حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام
. آتاه الله الحجة في المرة الأولى
كما سيؤتيه الحجة في كل مرة
.


سبحانه.. كان يؤيدإبراهيم
ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة
الأصنام.
هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب
وسر
مكانته وموضع تصديق القوم.. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: زكريا عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 18:43

زكريا عليه السلام

عبد صالح تقي أخذ يدعو للدين الحنيف، كفل مريم العذراء، دعا الله أن يرزقه ذرية صالحة فوهب له يحيى الذي خلفه في الدعوة لعبادة الله الواحد القهار.
إلى أعلى

امرأة عمران:

في ذلك العصر القديم.. كان هناك نبي.. وعالم عظيم يصلي بالناس.. كان اسم النبي زكريا عليه السلام.. أما العالم العظيم الذي اختاره الله للصلاة بالناس، فكان اسمه عمران عليه السلام.

وكان لعمران زوجته لا تلد.. وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه ويسقيه.. ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد.. وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد.. ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل..

واستجابت لها رحمة الله فأحست ذات يوم أنها حامل.. وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله.. كان معنى هذا أنها نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته.. يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.

إلى أعلى

ولادة مريم:

وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم! كانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله برغم أن الذكر ليس كالأنثى.

سمع الله سبحانه وتعالى دعاء زوجة عمران، والله يسمع ما نقوله، وما نهمس به لأنفسنا، وما نتمنى أن نقوله ولا نفعله.. يسمع الله هذا كله ويعرفه.. سمع الله زوجة عمران وهي تخبره أنها قد وضعت بنتا، والله أعلم بما وضعت، الله.. هو وحده الذي يختار نوع المولود فيخلقه ذكرا أو يخلقه أنثى.. سمع الله زوجة عمران تسأله أن يحفظ هذه الفتاة التي سمتها مريم، وأن يحفظ ذريتها من الشيطان الرجيم.

ويروي الإمام مسلم في صحيحة: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ). ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.

إلى أعلى

كفالة زكريا لمريم:

أثار ميلاد مريم بنت عمران مشكلة صغيرة في بداية الأمر.. كان عمران قد مات قبل ولادة مريم.. وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم.. كل واحد يتسابق لنيل هذا الشرف.. أن يربي ابنة شيخهم الجليل العالم وصاحب صلاتهم وإمامهم فيها.

قال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها.

وقال العلماء والشيوخ: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.

ثم اتفقوا على إجراء قرعة. أي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم، ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر هي وهي تخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله، وأجريت القرعة.. وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا..

قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.

قال العلماء والشيوخ: لا.. القرعة ثلاث مرات.

وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي، وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.

وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها.. وبدأ زكريا يخدم مريم، ويربيها ويكرمها حتى كبرت..

كان لها مكان خاص تعيش فيه في المسجد.. كان لها محراب تتعبد فيه.. وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا.. يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة.. والذكر والشكر والحب لله..

وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب.. وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش.. يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء.. ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف.

ويسألها زكريا من أين جاءها هذا الرزق..؟

فتجيب مريم: إنه من عند الله..

وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة.

إلى أعلى

دعاء زكريا ربه:

كان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا.. وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر.. وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا ويستطيع أن يهدي قومه ويدعوهم إلى كتاب الله ومغفرته.. وكان زكريا لا يقول أفكاره هذه لأحد.. حتى لزوجته.. ولكن الله تعالى كان يعرفها قبل أن تقال.. ودخل زكريا ذلك الصباح على مريم في المحراب.. فوجد عندها فاكهة ليس هذا أوانها.

سألها زكريا: {قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا}؟!

مريم: {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

قال زكريا في نفسه: سبحان الله.. قادر على كل شيء.. وغرس الحنين أعلامه في قلبه وتمنى الذرية.. فدعا ربه.

سأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم.. وكان زكريا خائفا أن يضل القوم من بعده ولم يبعث فيهم نبي.. فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له. فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا}.

فوجئ زكريا بهذه البشرى.. أن يكون له ولد لا شبيه له أو مثيل من قبل.. أحس زكريا من فرط الفرح باضطراب.. تسائل من موضع الدهشة: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} أدهشه أن ينجب وهو عجوز وامرأته لا تلد..

{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} أفهمته الملائكة أن هذه مشيئة الله وليس أمام مشيئة الله إلا النفاذ.. وليس هناك شيء يصعب على الله سبحانه وتعالى.. كل شيء يريده يأمره بالوجود فيوجد.. وقد خلق الله زكريا نفسه من قبل ولم يكن له وجود.. وكل شيء يخلقه الله تعالى بمجرد المشيئة {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

امتلأ قلب زكريا بالشكر لله وحمده وتمجيده.. وسأل ربه أن يجعل له آية أو علامة. فأخبره الله أنه ستجيء عليه ثلاثة أيام لا يستطيع فيها النطق.. سيجد نفسه غير قادر على الكلام.. سيكون صحيح المزاج غير معتل.. إذا حدث له هذا أيقن أن امرأته حامل، وأن معجزة الله قد تحققت.. وعليه ساعتها أن يتحدث إلى الناس عن طريق الإشارة.. وأن يسبح الله كثيرا في الصباح والمساء..

وخرج زكريا يوما على الناس وقلبه مليء بالشكر.. وأراد أن يكلمهم فاكتشف أن لسانه لا ينطق.. وعرف أن معجزة الله قد تحققت.. فأومأ إلى قومه أن يسبحوا الله في الفجر والعشاء.. وراح هو يسبح الله في قلبه.. صلى لله شكرا على استجابته لدعوته ومنحه يحيي..

ظل زكريا عليه السلام يدعوا إلى ربه حتى جاءت وفاته.

ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته عليه السلام. لكن ورايات كثير -ضعيفة- أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى من قبل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: أدريس عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 18:46

إدريس عليه السلام

كان صديقا نبيا ومن الصابرين، أول نبي بعث في الأرض بعد آدم، وهو أبو جد نوح، أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان، وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها، وأول من نظر في علم النجوم وسيرها.
إلى أعلى

سيرته:

إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.
إلى أعلى

نسبه:

هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام. وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة.
إلى أعلى

حياته:

وقد أختلف العلماء في مولده ونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق.

وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم.

وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة) وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر).

إلى أعلى

وفاته:

وقد أُخْتُلِفَ في موته.. فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة.

فقال (له): إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك. فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}. ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها.

وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر. وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة.

وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى. إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك. فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار. والله أعلم.

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}: رفع إلى السماء السادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد وغير واحد.

وقال الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إلى الجنة، وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.

قال البخاري: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس، واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء: أنه لما مرّ به عليه السلام قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ولم يقل كما قال آدم و إبراهيم: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قالوا: فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له.

وهذا لا يدل ولابد، قد لا يكون الراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر، وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن، وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: اليسع عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 18:48

اليسع عليه السلام

من العبدة الأخيار ورد ذكره في التوراة كما ذكر في القرآن مرتين، ويذكر أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.
إلى أعلى

سيرته:

من أنبياء الله تعالى، الذين يذكر الحق أسمائهم ويثني عليهم، ولا يحكي قصصهم.. نبي الله تعالى اليسع.

قال تعالى في سورة (ص): {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ}.

وقال جل جلاله في سورة (الأنعام): {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}.

جاء في تاريخ الطبري حول ذكر نسبة أنه اليسع بن أخطوب ويقال أنه ابن عم إلياس النبي عليهما السلام، وذكر الحافظ ابن عساكر نسبة على الوجه الآتي: اسمه أسباط بن عدي بن شوتلم بن أفرائيم بن يوسف الصديق عليه السلام وهو من أنبياء بني إسرائيل، وقد أوجز القرآن الكريم عن حياته فلم يذكر عنها شيئاً وإنما اكتفى بعده في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم تفصيلاً.

قام بتبليغ الدعوة بعد انتقال إلياس إلى جوار الله فقام يدعو إلى الله مستمسكاً بمنهاج نبي الله إلياس وشريعته وقد كثرت في زمانه الأحداث والخطايا وكثر الملوك الجبابرة فقتلوا الأنبياء وشردوا المؤمنين فوعظهم اليسع وخوفهم من عذاب الله ولكنهم لم يأبهوا بدعوته ثم توفاه الله وسلط على بني إسرائيل من يسومهم سوء العذاب كما قص علينا القرآن الكريم.

ويذكر بعض المؤرخين أن دعوته في مدينة تسعى بانياس إحدى مدن الشام، ولا تزال حتى الآن موجودة وهي قريبة من بلدة اللاذقية والله أعلم.

وأرجح الأقوال أن اليسع هو اليشع الذي تتحدث عنه التوراة.. ويذكر القديس برنابا أنه أقام من الموت إنسانا كمعجزة.

إلى أعلى

اليسع وذو الكفل:

ويروي بعض العلماء قصة حدثت في زمن اليسع عليه السلام.

فيروى أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم.

لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل.

فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعوني وإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب.

فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل بين الناس، وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك.

فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضر للمجلس. وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخ لم يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني.

ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النوم. فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري، فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه.

فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل. فقام ذو الكفل إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك.

فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: إلياس عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 18:50

إلياس عليه السلام

أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه، وقال ابن عباس هو عم اليسع.

سيرته:

قال تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (131)}... (الصافات).

هذه الآيات القصار هي كل ما يذكره الله تعالى من قصة إلياس.. لذلك اختلف المؤرخون في نسبه وفي القوم الذين أرسل إليهم.. فقال الطبري أنه إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.. أما ابن كثير فيقول أن إلياس والياسين اسمين لرجل واحد فالعرب تلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من غيرها.



الروايات المختلفة حول دعوته:

جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه: إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل الى نبذ عبادة الأصنام، والاستمساك بعبادة الله وحده رفضوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربه فقال: اللهم إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك فأوحي الله إليه إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية والشجر، وجهد الناس جهداً شديداً، وما دعا عليهم استخفي عن أعينهم وكان يأتيه رزقه حيث كان فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ربح الخبز في دار قالوا هنا إلياس فيطلبونه، وينال أهل المنزل منهم شر وقد أوي ذات مرة إلى بيت امرأة من بنى إسرائيل لها ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر فآوته واخفت أمره.

فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به واتبع إلياس وآمن به وصدقه ولزمة فكان يذهب معه حيثما ذهب وكان إلياس قد أسن وكبر، وكان اليسع غلاماً شاباً ثم إن إلياس قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام دعوات الله أن يفرج عنكم فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم وأغاثهم، فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه ولم يستقيموا فلما رأي إلياس منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضة ورفعه.

ويذكر ابن كثير أن رسالته كانت لأهل بعلبك غربي دمشق وأنه كان لهم صنم يعبدونه يسمي (بعلا) وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس حين قال لقومه {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) وَاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ}.

ويذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء ملك سليمان بن داود عليه السلام وذلك في سنة 933 قبل الميلاد انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين، الأول، يخضع لملك سلالة سليمان وأول ملوكهم رحبعام بن سليمان والثاني يخضع لاحد أسباط افرايم بن يوسف الصديق واسم ملكهم جر بعام.

وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد سليمان عليه السلام بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة، وبسبب الكفر والضلال الذي انتشر بين صفوفهم وقد سمح أحد ملوكهم وهو أخاب لزوجته بنشر عبادة قومها في بني إسرائيل، وكان قومها عباداً للأوثان فشاعت العبادة الوثنية، وعبدوا الصنم الذي ذكره القرآن الكريم واسمه (بعل) فأرسل إليهم إلياس عليه السلام الذي تحدثنا عن دعوته فما توفي إلياس عليه السلام أوحي الله تعالى إلى أحد الأنبياء واسمه اليسع عليه السلام ليقوم في نبي إسرائيل، فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار.

وأرجح الآراء إن إلياس هو النبي المسمى إيليا في التوراة.
[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: شعيب عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 18:54

شعيب عليه السلام

أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا.

سيرته:

دعوة شعيب عليه السلام: لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس.. أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين. فقال شعيب {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه} نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة.. وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء.

بعد تبيين هذا الأساس.. بدأ شعيب في توضيح الأمور الاخرى التي جاءت بها دعوته {وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ} بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة والعدالة.. كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان، ولا يعطون الناس حقهم.. وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد.. كما تمس كمال المروءة والشرف، وكان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم.. نوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء.. ودهاء في الأخذ والعطاء..

ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة وسرقة.. أفهمهم أنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط.. انظر إلى تدخل الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس، إلى الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء. قال: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} لم يزل شعيب ماضيا في دعوته.. ها هو ذا يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية..إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق.. وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس أشيائهم.

لنتدبر معا في التعبير القرآني القائل: {وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ} كلمة الشيء تطلق على الأشياء المادية والمعنوية.. أي أنها ليست مقصورة على البيع والشراء فقط، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات الشخصية.

ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلما في وزن الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود الناس وأعمالهم.. ذلك أن ظلم الناس يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللامبالاة، وتكون النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات العمل، وتلحقها القيم.. ويشيع الاضطراب في الحياة.. ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض: {وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} العثو هو تعمد الإفساد والقصد إليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين {بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ}.. ما عند الله خير لكم.. {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.

بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم إليه.. ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا يملك لهم شيئا.. ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم.. إنما هو رسول يبلغهم رسالات ربه: {وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} بهذا الأسلوب يشعر شعيب قومه بأن الأمر جد، وخطير، وثقيل.. إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام العاقبة وحدهم.


رد قوم شعيب:

كان هو الذي يتكلم.. وكان قومه يستمعون.. توقف هو عن الكلام وتحدث قومه: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} كان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل، ويخيفون المارة، ويعبدون الأيكة.. وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها.. وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان ويطففون فيهما، ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص.. انظر بعد هذا كله إلى حوارهم مع شعيب: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}...؟

بهذا التهكم الخفيف والسخرية المندهشة.. واستهوال الأمر.. لقد تجرأت صلاة شعيب وجنت وأمرته أن يأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم.. ولقد كان آباؤهم يعبدون الأشجار والنباتات.. وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده.. أي جرأة من شعيب..؟ أو فلنقل أي جرأة من صلاة شعيب..؟ بهذا المنطق الساخر الهازئ وجه قوم شعيب خطابهم إلى نبيهم.. ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة: {أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء} تخيل يا شعيب أن صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقة تصرفنا في أموالنا.. ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟

بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء.. طرحوا أمامه قضية الإيمان، وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم. هذه المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام، وقد بعث به كل الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤه.. هذه المحاولة قديمة من عمر قوم شعيب.

لقد أنكروا أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم وطريقة إنفاقهم لأموالهم بحرية.. إن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين.. هذه حرية الإنسان الشخصية.. وهذا ماله الخاص، ما الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟.. هذا هو فهم قوم شعيب للإسلام الذي جاء به شعيب، وهو لا يختلف كثيرا أو قليلا عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه. ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس في أموالهم كما يشاءون..؟ ما للإسلام وحياتنا اليومية..؟

ثم يعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته {إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} أي لو كنت حليما رشيدا لما قلت ما تقول.

أدرك شعيب أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية.. ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة الواثق من الحق الذي معه، وتجاوز سخريتهم لا يباليها، ولا يتوقف عندها، ولا يناقشها.. تجاوز السخرية إلى الجد.. أفهمهم أنه على بينة من ربه.. إنه نبي يعلم وهو لا يريد أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه، إنه لا ينهاهم عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه، إنه لا ينصحهم بالأمانة ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب.. إنه لا يفعل شيئا من ذلك.. إنما هو نبي..

وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات الأنبياء هذا التلخيص المعجز: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ} إن ما يريده هو الإصلاح.. هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد.. إنهم مصلحون أساسا، مصلحون للعقول، والقلوب، والحياة العامة، والحياة الخاصة.

بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم الالتزام به، ورأى منهم الاستكبار، حاول إيقاض مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط. وأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالمولى غفور رحيم.

تحدي وتهديد القوم لشعيب: لكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} إنه ضعيف بمقياسهم. ضعيف لأن الفقراء والمساكيهم فقط اتبعوه، أما علية القوم فاستكبروا وأصروا على طغيانهم. إنه مقياس بشري خاطئ، فالقوة بيد الله، والله مع أنبياءه. ويستمر الكفرة في تهديهم قائلين: {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضربا بالحجارة.

نرى أنه عندما أقام شعيب -عليه السلام- الحجة على قومه، غيروا أسلوبهم، فتحولوا من السخرية إلى التهديد. وأظهروا حقيقة كرههم له. لكن شعيب تلطف معهم.. تجاوز عن إساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ} يا لسذاجة هؤلاء. إنهم يسيئون تقدير حقيقة القوى التي تتحكم في الوجود.. إن الله هو وحده العزيز.. والمفروض أن يدركوا ذلك.. المفروض ألا يقيم الإنسان وزنا في الوجود لغير الله.. ولا يخشى في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في الوجود لقوة غير الله.. إن الله هو القاهر فوق عباده.

ويبدو أن قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب. فاجتمع رؤساء قومه. ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد.. هددوه أولا بالقتل، وها هم أولاء يهددونه بالطرد من قريتهم.. خيروه بين التشريد، والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والجمادات.. وأفهمهم شعيب أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها. لقد نجاه الله من ملتهم، فكيف يعود إليها؟ أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد.. فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟ ثم أين تكافؤ الفرص؟ أنه يدعوهم برفق ولين وحب.. وهم يهددونه بالقوة.

واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. حمل الدعوة ضده الرؤساء والكبراء والحكام.. وبدا واضحا أن لا أمل فيهم.. لقد أعرضوا عن الله.. أداروا ظهورهم لله. فنفض شعيب يديه منهم. لقد هجروا الله، وكذبوا نبيه، واتهموه بأنه مسحور وكاذب.. فليعمل كل واحد.. ولينتظروا جميعا أمر الله.


هلاك قوم شعيب:

وانتقل الصراع إلى تحد من لون جديد. راحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين.. راحوا يسألونه عن عذاب الله.. أين هو..؟ وكيف هو..؟ ولماذا تأخر..؟ سخروا منه.. وانتظر شعيب أمر الله.

أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.. وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (94)}... (هود).

هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم.. ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر.. ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم.. انتهى الأمر. أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه في داره.. صعقت الصيحة كل مخلوق حي.. لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه.. جثم في مكانه مصروعا بصيحة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: صالح عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 18:57

صالح عليه السلام

أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.


سيرته:

إرسال صالح عليه السلام لثمود: جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ} نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.

فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له: {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)}.. (هود).

تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه.

ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.



معجزة صالح عليه السلام:

ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.

قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه: {وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64)}... (هود).

والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس.

كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: {نَاقَةُ اللّهِ} أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله.

وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.

في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر.

وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.

كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم.

كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.

يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: {أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ} ؟!
قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: {إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ}
فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}. هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.


تآمر الملأ على الناقة:

وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.

وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه.

وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.

لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.

هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها.



هلاك ثمود:

علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟
قال صالح لقومه: {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}.

بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.

ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.

هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: إسحاق عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 19:07

إسحاق عليه السلام

هو ولد سيدنا إبراهيم من زوجته سارة، وقد كانت البشارة بمولده من الملائكة لإبراهيم وسارة لما مروا بهم مجتازين ذاهبين إلى مدائن قوم لوط ليدمروها عليهم لكفرهم وفجورهم، ذكره الله في القرآن بأنه (غلام عليم) جعله الله نبيا يهدي الناس إلى فعل الخيرات، جاء من نسله سيدنا يعقوب.
إلى أعلى

سيرته:

يذكر القرآن الكريم غير ومضات سريعة عن قصة إسحاق.. كان ميلاده حدثا خارقا، بشرت به الملائكة، وورد في البشرى اسم ابنه يعقوب.. وقد جاء ميلاده بعد سنوات من ولادة أخيه إسماعيل..

ولقد قر قلب سارة بمولد إسحق ومولد ابنه يعقوب، عليهما الصلاة والسلام.. غير أننا لا نعرف كيف كانت حياة إسحق، ولا نعرف بماذا أجابه قومه.. كل ما نعرفه أن الله أثنى عليه كنبي من الصالحين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: داوود عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 19:09

داوود عليه السلام

آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل.


سيرته:

حال بنو إسرائيل قبل داود: قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائيل في تلك الفترة.

لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان يوشع بن نون.. أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي، فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.

وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى أنهم أضاعوا التابوت. وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا أخرى. كان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.

في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة.

فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..

ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.


اختيار طالوت ملكا:

ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هي آية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.

ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..

وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ}.. فثبّتوهم.

وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.


جمع الله الملك والنبوة لداود:

بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.

وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد فترة من الزمن إلى داود.

لقد أكرم الله نبيه الكريم بعدة معجزات. لقد أنزل عليه الزبور {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}، وآتاه جمال الصوت، فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون. وألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منه الدروع.

كانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع. درع يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. أفضل من الدروع الموجودة أيامها..

وشد الله ملك داود، جعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب، أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا.


القضايا التي عرضت على داود:

يروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي وردت على داود -عليه السلام.

فلقد جلس داود كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ومعه رجل آخر..

وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض..

قال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟

قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي..

قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته.

قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورث من والده: عندي حكم آخر يا أبي..

قال داود: قله يا سليمان..

قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد الغنم وعاد الحقل سليما كما كان أخذ صاحب الحقل حقله وأعطى صاحب الغنم غنمه..

قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة..

وقد ورد في الصحيح قصة أخرى: (حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِى شَبَابَةُ حَدَّثَنِى وَرْقَاءُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّما ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى). قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.


فتنة داود:

وكان داود رغم قربه من الله وحب الله له، يتعلم دائما من الله، وقد علمه الله يوما ألا يحكم أبدا إلا إذا استمع لأقوال الطرفين المتخاصمين.. فيذكر لنا المولى في كتابه الكريم قضية أخرى عرضت على داود عليه السلام.

جلس داود يوما في محرابه الذي يصلي لله ويتعبد فيه، وكان إذا دخل حجرته أمر حراسه ألا يسمحوا لأحد بالدخول عليه أو إزعاجه وهو يصلي.. ثم فوجئ يوما في محرابه بأنه أمام اثنين من الرجال.. وخاف منهما داود لأنهما دخلا رغم أنه أمر ألا يدخل عليه أحد. سألهما داود: من أنتما؟

قال أحد الرجلين: لا تخف يا سيدي.. بيني وبين هذا الرجل خصومة وقد جئناك لتحكم بيننا بالحق.

سأل داود: ما هي القضية؟ قال الرجل الأول: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ}. وقد أخذها مني. قال أعطها لي وأخذها مني..

وقال داود بغير أن يسمع رأي الطرف الآخر وحجته: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ}.. وإن كثيرا من الشركاء يظلم بعضهم بعضا إلا الذين آمنوا..

وفوجئ داود باختفاء الرجلين من أمامه.. اختفى الرجلان كما لو كانا سحابة تبخرت في الجو وأدرك داود أن الرجلين ملكان أرسلهما الله إليه ليعلماه درسا.. فلا يحكم بين المتخاصمين من الناس إلا إذا سمع أقوالهم جميعا، فربما كان صاحب التسع والتسعين نعجة معه الحق.. وخر داود راكعا، وسجد لله، واستغفر ربه..

نسجت أساطير اليهود قصصا مريبة حول فتنة داود عليه السلام، وقيل أنه اشتهى امرأة أحد قواد جيشه فأرسله في معركة يعرف من البداية نهايتها، واستولى على امرأته.. وليس أبعد عن تصرفات داود من هذه القصة المختلقة.. إن إنسانا يتصل قلبه بالله، ويتصل تسبيحه بتسبيح الكائنات والجمادات، يستحيل عليه أن يرى أو يلاحظ جمالا بشريا محصورا في وجه امرأة أو جسدها..


وفاته عليه السلام:

عاد داود يعبد الله ويسبحه حتى مات… كان داود يصوم يوما ويفطر يوما.. قال رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن داود: (أفضل الصيام صيام داود. كان يصوم يوما ويفطر يوما. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويشفي بصوته المهموم والمحموم).

جاء في الحديث الصحيح أن داود عليه السلام كان شديد الغيرة على نساءه، فكانت نساءه في قصر، وحول القصر أسوار، حتى لا يقترب أحد من نساءه. وفي أحد الأيام رأى النسوة رجلا في صحن القصر، فقالوا: من هذا والله لن رآه داود ليبطشنّ به. فبلغ الخبر داود -عليه السلام- فقال للرجل: من أنت؟ وكيف دخلت؟ قال: أنا من لا يقف أمامه حاجز. قال: أنت ملك الموت. فأذن له فأخذ ملك الموت روحه.

مات داود عليه السلام وعمره مئة سنة. وشيع جنازته عشرات الآلاف، فكان محبوبا جدا بين الناس، حتى قيل لم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد كان بنو إسرائيل أشد جزعا عليه.. منهم على داود.. وآذت الشمس الناس فدعا سليمان الطير قال: أظلي على داود. فأظلته حتى أظلمت عليه الأرض. وسكنت الريح. وقال سليمان للطير: أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي من ناحية الريح. وأطاعت الطير. فكان ذلك أول ما رآه الناس من ملك سليمان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: شيث عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 19:14

شيث عليه السلام

لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبياً. ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قُتِلَ هابيل. فلما حانت وفاته أوصى إلى أبنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل - وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة.


سيرته:

أنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها وأنه قتل خلقاً من مردة الجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة.

فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ، وهو إدريس عليه السلام على المشهور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: لوط عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 19:17

لوط عليه السلام

أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله، وكانوا قوما ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلك المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة.


حال قوم لوط:

دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش. واصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله بالطرد من القرية. فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة.

كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء.

لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف لم ينقذه من أيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لنا الرجال.. واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما، وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد.. لم يؤمن به غير أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا. كانت زوجته كافرة.

وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام، فكانوا يقولون: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. فيئس لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين.



ذهاب الملائكة لقوم لوط:

خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط.. بلغوا أسوار سدوم.. وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد الملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟

قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى {سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} سألهم: من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم.. استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد.

قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون في الأرض.

وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين.. صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية.

سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهل المدينة أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم.

وجاء قوم لوط له مسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على باب البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم: {هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}.. قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية.. كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.

{فَاتَّقُواْ اللّهَ}.. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى.. ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه.

{وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي}.. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.

{أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ}.. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.

إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها.

أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضربات القوم على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه الآية: (رحمة الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد).



هلاك قوم لوط:

عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة.. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة.. ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم.

التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال.. لا يلتفت منهم أحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟.. هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه.. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.

سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}؟

خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقترب الصبح.. كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع جبريل، عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم.. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة عليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعد هناك أحد.. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك قوم لوط ومحيت مدنهم.

كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه.. نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح.

قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها أجاج.. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين.. هي مدن قوم لوط السابقة.

انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم.. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om ali
 
 
om ali

●○آلجِنسْ : انثى
●○مڛآهُمآتـﮯ : 1286
●○ تَقْييمـِﮯ : 0

موسوعة قصص الأنبيآء .~ Empty
مُساهمةموضوع: يوشع بن نون عليه السلام   موسوعة قصص الأنبيآء .~ Emptyالأحد 13 ديسمبر - 19:20

يوشع بن نون عليه السلام

ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر. وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائي من صحراء سيناء، وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم.
إلى أعلى

سيرته:

لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى. سوى اثنين. هما الرجلان اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بدخول قرية الجبارين. ويقول المفسرون: إن أحدهما يوشع بن نون. وهذا هو فتى موسى في قصته مع الخضر. صار الآن نبيا من أنبياء بني إسرائيل، وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها.

خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه، بعد أربعين سنة، وقصد بهم الأرض المقدسة.

كانت هذه الأربعين سنة -كما يقول العلماء- كفيلة بأن يموت فيها جميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر، ويبقى جيل جديد تربى على أيادي موسى وهارون ويوشع بن نون، جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله ورسله. قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا. فحاصرها ستة أشهر.

وروي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‏(غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك ‏ ‏بضع ‏ ‏امرأة وهو يريد أن ‏ ‏يبني ‏ ‏بها ولما ‏ ‏يبن ‏ ‏ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ولا آخر قد اشترى غنما أو ‏ ‏خلفات ‏وهو منتظر ولادها قال فغزا ‏ ‏فأدنى ‏ ‏للقرية ‏ ‏حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن ‏ ‏تطعمه ‏ ‏فقال فيكم ‏ ‏غلول ‏ ‏فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم ‏ ‏الغلول ‏ ‏فلتبايعني قبيلتك فبايعته قال فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم ‏ ‏الغلول ‏ ‏أنتم ‏ ‏غللتم ‏ ‏قال فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو ‏ ‏بالصعيد ‏ ‏فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا).

ويرى العلماء أن هذا النبي هو يوشع بن نون، فقد كان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت، وعندما خشي أن يذهب النصر إذا توقف اليهود عن القتال، فدعى الله أن يحبس الشمس. واخْتـُلِفَ في حبس الشمس المذكور هنا، فقيل: ردت على أدراجها، وقيل: وقفت ولم ترد، وقيل: أبطئ بحركتها، وكل ذلك من معجزات النبوة.

صدر الأمر الإلهي لبني إسرائيل أن يدخلوا المدينة سجدا.. أي راكعين مطأطئي رءوسهم شاكرين لله عز وجل ما من به عليهم من الفتح. أمروا أن يقولوا حال دخولهم: {حِطَّةٌ}.. بمعنى حط عنا خطايانا التي سلفت، وجنبنا الذي تقدم من آبائنا.

إلا أن بني إسرائيل خالف ما أمرت به قولا وفعلا.. فدخلوا الباب متعالين متكبرين، وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم.. فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا. كانت جريمة الآباء هي الذل، وأصبحت جريمة الأبناء الكبرياء والافتراء.

ولم تكن هذه الجريمة هي أول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم، فقد عذبوا رسلهم كثيرا بعد موسى، وتحولت التوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها ويخفون كثيرا. حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحة المباشرة، وكان هذا الجحود هو المسئول عما أصاب بني إسرائيل من عقوبات.

عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهم لأنفسهم.. اعتقدوا أنهم شعب الله المختار، وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن من حقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء.. وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا وامتدت الجرائم بعد كتابهم إلى أنبيائهم، فقتلوا من قتلوا من الأنبياء.

وسلط الله عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين، يظلمونهم ويسفكون دمائهم، وسلط الله أعدائهم عليهم ومكن لهم من رقابهم وأموالهم.

وكان معهم تابوت الميثاق. وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون، ويقال إن هذا التابوت كان يضم ما بقي من ألواح التوراة التي أنزلت على موسى ونجت من يد الزمان.

وكان لهذا التابوت بركة تمتد إلى حياتهم وحروبهم، فكان وجود التابوت بينهم في الحرب، يمدهم بالسكينة والثبات، ويدفعهم إلى النصر، فلما ظلموا أنفسهم ورفعت التوراة من قلوبهم لم يعد هناك معنى لبقاء نسختها معهم، وهكذا ضاع منهم تابوت العهد، وضاع في حرب من حروبهم التي هزموا فيها.

وساءت أحوال بني إسرائيل بسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم. ومرت سنوات وسنوات. واشتدت الحاجة إلى ظهور نبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي أوصلتهم إليها فواجع الآثام وكبائر الخطايا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

موسوعة قصص الأنبيآء .~

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» موسوعة هل تعلم .~
» موسوعة صور المآسنجر.~
» موسوعة التوابل والبهارات
» موسوعة الأدعية الصحيحة
» موسوعة كتب تفسير الأحلآم << للتحميل
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات زهرة العلا :: طُهر ووطنْ :: {..السرآجْ آلمُنِير-
©phpBB | انشاء منتدى مع أحلى منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع