هل تحسبينني أطيق طويلاً .. هذا الحجاب المسدل بيني وبينك !
شهرزاد : هل تحسبك لو زال هذا الحجاب تطيق عشرتي لحظة .
***
شهريار : يالها من خدعة أسأل الطبيعه عن سرها , فتجيبنا باللف والدوران .
شهرزاد : باسمة - نعم أنت تدور , وأنت الآن في نهاية درورة.
شهريار: النهاية تتلوها البدايه في قانون الابديه والدوران.
شهرزاد : أما كنت تعرف هذا من قبل ؟
شهريار : كنت أحسب الطبيعة أحذق من هذا .
شهرزاد : باسمه - إلى هذا الحد أنت ناقم على الطبيعه؟
شهريار : إنها تقارعني بسلاح العجز .. السجن داخل حلقة تدور .
شهرزاد : باسمه-لا أظن أنها تقارعك , او تتكلف لك , ما أنت إلا شعرة في رأس الطبيعه .
وهنا يبدو ما قلناه من إقتناع شهريار ؟
شهريار : كلما ابيضت نزعتها .
شهرزاد : إنها تكره الهرم .
شهريار : نعم .
شهرزاد : تنزعها كي تعود من جديد ؟
شهريار : كل ما يكبر ترجعه إلى الصفر , كل غاية تتبعها بدايه .
**
اولست كالماء .. يا شهرزاد سجينا دائما كالماء ؟
نعم .. ما أناإلا .. ماء ! هل لي وجود حقيقي خارج ما يحتوي جسدي من زمان
ومكان حتى السفرأو الإنتقال إن هو إلا تغيير إناء بعد إناء , ومتى كان في
تغيير الإناء تحرير الماء !
***
أنت تعرفين كل شيء .. أنت كائن عجيب ! لا يفعل شيئاً ولا يلفظ حرفا إلا
بتدبير , لاعن هوى ومصادفه انت تسيرين في كل شيء بمقتضى حساب لا ينحرف قيد
شعره , كحساب الشمس والقمر والنجوم .. ما أنت الا عقل عظيم ..
***
يقول شهرزاد موجهاً الخطاب إليها عنها :
قد لا تكون امرأة .. من تكون ؟
إني أسألك من تكون ؟؟
هي السجينة في خدرها طول حياتها
تعلم بكل ما في الأرض كأنها الأرض !
هي التي ما غادرت خميلتها قط ..
تعرف مصر والصين والهند !
هي البكر .. تعرف الرجال كامرأة عاشت ألف عام بين الرجال !
وتدرك طبائع الإنسان ..من ساميه وسافله
هي الصغيرة لم يكفها علم الأرض فصعدت إلى السماء
تحدث عن تدبيرها وغيبها كأنها ربيبة الملائكة
وهبطت إلى أعماق الأرض تحكي عن مردتها وشياطينها وممالكهم السفلى العجيبة .. كأنها بنت الجن !
من تكون تلك التي لم تبلغ العشرين ، قضتها مثل أترابها في غرفة مسدلة السُجف ..ما سرها ؟
أعمرها عشرون عاماً أم ليس لها عمر ؟
أكانت محبوسة في مكان أم وجدت في كل مكان ؟
إن عقلي ليغلي في وعائه يريد أن يعرف .. أهي امرأة تلك التي تعلم ما في الطبيعة .. كأنها الطبيعة .
من مسرحية شهرزآد لـ : الأديب توفيق الحكيم